الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفاسد: ما لحق الخلل فيه وصف العقد، كأن يكون المرهون مشغولاً بغيره، أو أن يكون المرهون به مضموناً بغيره كالمبيع في يد البائع، على رواية النوادر. وظاهر الرواية أنه يصح الرهن بالمبيع قبل القبض، كما بينت في بحث الشروط.
وغير الصحيح عند غير الحنفية نوع واحد: باطل أو فاسد: وهو ما لم تتوافر فيه شروط الرهن الصحيح التي يشترطونها، على خلاف بينهم في بعضها.
أحكام الرهن الصحيح:
فيه بيان حكم لزوم الرهن، وعشرة مطالب في آثار الرهن:
حكم الرهن الصحيح أو حكم لزوم الرهن:
يلزم الرهن بالنسبة للراهن لا للمرتهن، فلا يملك الراهن فسخه؛ لأنه عقد وثيقة بالدين، ويملك المرتهن فسخه في أي وقت؛ لأن العقد لمصلحته (1)، ولا تترتب آثاره عند جميع الفقهاء إلا بالقبض، فلا يختص المرتهن بثمن العين المرهونة، ولا يثبت له حق الامتياز على غيره من الدائنين إلا بالقبض.
ولا يتحقق لزوم الرهن عند الجمهور إلا بالقبض، ويلزم عند المالكية بالإيجاب والقبول. وتفصيل المذاهب فيما يأتي:
قال الجمهور من الحنفية والشافعية، والحنابلة في الأصح (2): لا يلزم الرهن في جميع أحواله إلا بالقبض، أما قبل القبض، فللراهن إمضاء الرهن أو فسخه.
(1) المهذب: 305/ 1، 307.
(2)
الدر المختار ورد المحتار: 340/ 5 ومابعدها، تبيين الحقائق: 63/ 6، المهذب: 305/ 1، المغني: 328/ 4 ومابعدها.
ودليلهم ـ كما بان سابقاً ـ قوله تعالى: {فرهان مقبوضة} [البقرة:283/ 2] إذ المعنى فرهن رهان مقبوضة، لأن المصدر المقترن بالفاء في جواب الشرط هو في معنى الأمر، أي «فارهنوا» ، والأمر بالشيء الموصوف يقتضي أن يكون الوصف شرطاً فيه، فما شرع بصفة لا يوجد شرعاً إلا بها، فلا يلزم الرهن إلا بالقبض، ولأن الرهن عقد تبرع، لا يجبر الراهن على شيء فيه، فوجب لنفاذه وإمضائه القبض، إذ ليس للرهن قبل قبضه مظهر في الخارج إلا القبض، كما هو الشأن في الهبة والصدقة، فلا يوجد عقد الرهن شرعاً، ولا يترتب عليه أثره إلا مع القبض، ولا يلزم إلا بالقبض.
وقال المالكية (1): يلزم الرهن بالإيجاب والقبول، ويتم بالقبض. فإذا ما صدر الإيجاب والقبول، لزم العقد، ويجبر الراهن على تسليم الرهن إلى المرتهن ما لم يوجد أحد الموانع الأربعة التالية وهي:
موت الراهن بعد العقدوقبل التسليم، مطالبة الغرماء بأداء الراهن ديونهم، حالة التفليس العام (أي أن تكون الديون محيطة بمال الراهن). مرض الراهن المخوف، أو جنونه المتصلان بوفاته.
ودليلهم ـ كما سبق بيانه ـ على أن الرهن يلزم بالعقد: أن العقد والالتزام يتحققان بالإيجاب والقبول، وقد قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة:1/ 5] والرهان عقد، والأمر للوجوب، فكان الوفاء به واجباً، من طريق لزومه بالنسبة للراهن، لأنه هو الملتزم.
(1) بداية المجتهد: 270/ 2 ومابعدها، الشرح الكبير: 240/ 3 ومابعدها.