الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويلاحظ أن الاختلاف بين الرأيين هو فيمن نظر من خارج الدار، أما لو أدخل شخص رأسه، فرماه صاحب الدار بحجر، ففقأ عينه، فلا يضمن إجماعاً.
حكم الدفاع عن المال:
قرر جمهور الفقهاء أن الدفاع عن المال جائز، لا واجب، سواء أكان المال قليلاً أم كثيراً، إذا كان الأخذ بغير حق، ولا قصاص على المدافع إن التزم الدفع بالأسهل فالأسهل، لما رواه أبو هريرة. قال:«جاء رجل، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك (وفي لفظ: قاتل دون مالك)، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلتُه؟ قال: هو في النار» (1) قال العلماء: فإن قتله فلا ضمان عليه، لعدم التعدي منه عليه، والحديث عام لقليل المال وكثيره.
وسبب التفرقة بين الدفاع عن المال، والدفاع عن النفس أو العرض عند القائلين بوجوب الدفاع عن غير المال: هو أن المال مما يباح بالإباحة والإذن، أما النفس فلا تباح بالإباحة.
وقال بعض المالكية: لا يجوز الدفاع عن المال إذا كان شيئاً يسيراً. ولكن ظاهر الأحاديث السابقة وعمومها يرد على التفرقة بين القليل والكثير كما تقدم.
وقال بعض العلماء: إن المقاتلة عن المال واجبة. وهذا رأي المالكية بعد الإنذار كما أوضحت (2).
(1) رواه مسلم وأحمد (نصب الراية: 348/ 4 وما بعدها) قال ابن تيمية في منتهى الأخبار: فيه من الفقه أنه يدفع بالأسهل فالأسهل (نيل الأوطار: 326/ 5).
(2)
الدر المختار وحاشيته: 388/ 5، مواهب الجليل: 323/ 6، الشرح الكبير: 357/ 4، نيل الأوطار: 326/ 5، المغني: 329/ 8 وما بعدها.
وفرق الشافعية (1) بين أنواع المال فقالوا: لا يجب الدفع عن مال لا روح فيه، لأنه يجوز إباحته للغير. أما ما فيه روح: فيجب الدفع عنه إذا قصد إتلافه، ما لم يخش على نفسه أو عرضه، لحرمة الروح، حتى لو رأى أجنبي شخصاً يتلف حيوان نفسه إتلافاً محرماً، وجب عليه دفعه على الأصح. وكذلك يجب عليه الدفع عن مال متعلق به حق الغير كرهن وإجارة.
لكن أضاف الشافعية: لو سقطت جرة ولم تندفع عنه إلا بكسرها، ضمنها في الأصح، إذ لا قصد لها ولا اختيار، حتى يحال السبب عليها، فصار المدافع عن المال كالمضطر إلى طعام غيره، يأكله ويضمنه.
(1) المهذب: 224/ 2 وما بعدها، مغني المحتاج: 195/ 4 وما بعدها.