الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
ألا يمكن دفع الاعتداء بطريق آخر، فإذا أمكنه ذلك بوسيلة أخرى كالاستغاثة أو الاستعانة بالناس أو برجال الأمن، ولم يفعل، فهو معتد.
4 -
أن يدفع الاعتداء بالقوة اللازمة: أي بالقدر اللازم لرد الاعتداء بحسب ظنه. بالأيسر فالأيسر، كما بينت في المطلب الأول.
المبحث الثالث ـ هل دفع الصائل حق مباح أو واجب
؟ الكلام على هذا المطلب يقتضي التفصيل في كل حالة من حالات الدفاع الشرعي على حدة.
حكم الدفاع عن النفس:
إذا هوجم إنسان بقصد الاعتداء على نفسه، أو عضو من أعضائه، سواء أكان الهجوم من إنسان آخر أم من بهيمة، فيجب على المعتدى عليه أن يدافع عن نفسه في رأي أبي حنيفة والمالكية، والشافعية (1)، إلا أن الشافعية قيدوا وجوب دفع الصائل في هذه الحالة بما إذا كان الصائل كافراً أو بهيمة؛ لأن الاستسلام للكافر ذل في الدين، والبهيمة تذبح لاستبقاء نفس الإنسان.
وأما إذا كان الصائل مسلماً فالأظهر عند الشافعية أنه يجوز الاستسلام له، بل يسن لخبر أبي داود:«كن خير ابني آدم» يعني قابيل وهابيل، واشتهر ذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ولم ينكر عليه أحد، وأضاف الشافعية بأن الدفع عن نفس غيره في الإيجاب وعدمه كالدفع عن نفسه.
(1) تبيين الحقائق: 110/ 6، البدائع: 93/ 7، تكملة فتح القدير: 269/ 8، الدر المختار ورد المحتار: 197/ 2، 387/ 5، الفتاوى الهندية: 7/ 6، 51، مواهب الجليل للحطاب: 323/ 6، الشرح الكبير والدسوقي: 357/ 4، المنتفى على الموطأ: 61/ 6، تنوير الحوالك شرح الموطأ: 220/ 2، الفروق: 185/ 4، مغني المحتاج: 21/ 4، 195، المهذب: 225/ 2.
وقيد المالكية وجوب الدفاع بأن يكون بعد الإنذار ندباً كالمحارب إن أمكن: بأن يقول له: ناشدتك الله إلا ما تركتني ونحوه، فإن لم ينكف أو لم يمكن، جاز له دفعه بالقتل وغيره.
ودليل القائلين بإيجاب الدفاع عن النفس قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195/ 2] وقوله سبحانه {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات:9/ 49]{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة:194/ 2]{وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها} [الشورى:40/ 42] وبما أن الإنسان يجب عليه صيانة نفسه بأكل ما يجده حال الجوع، فيجب عليه الدفاع عن نفسه.
وقال الحنابلة (1)، ورأيهم هو المتفق مع السنة: إن دفع الصائل على النفس جائز لا واجب، سواء أكان الصائل صغيراً أم كبيراً أم مجنوناً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حال الفتنة:«اجلس في بيتك، فإن خفت أن يَبهرك شعاع الشمس، فغطِّ وجهك» وفي لفظ «تكون فتن، فكن فيها عبد الله المقتول، ولا تكن القاتل» (2) وقد صح أن عثمان رضي الله عنه منع عبيده أن يدافعوا عنه، وكانوا أربع مئة، وقال:«من ألقى سلاحه فهو حر» . قالوا: وهذا مخالف لحال المضطر إلى الطعام: يلزمه الأكل منه؛ لأن في القتل شهادة، وإحياء نفس غيره، وفي الأكل إحياء نفسه من غير مساس بنفس أحد غيره.
(1) المغني: 329/ 8 وما بعدها، كشاف القناع: 143/ 4.
(2)
أخرجه ابن أبي خيثمة والدارقطني عن عبد الله بن خباب بن الأرت، وأخرجه أحمد نحوه عن خالد ابن عرفطة.