الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصاصاً بدين للزوج عليها إلا بالتراضي، بخلاف سائر الديون؛ لأن دين النفقة أدنى.
أما المالكية والشافعية والحنابلة فلم يشترطوا التماثل في القوة.
واشترط الحنفية والشافعية والحنابلة أيضاً التماثل في الرواج والكساد والرخص والغلاء، فلا تقع المقاصة بنفسها إذا كان أحد الدينين من الدراهم الصحيحة، والآخر من الدراهم الغلة: وهي التي يقبلها التجار، ويردها بيت المال، لا لأنها زائفة، بل لأنها مكونة من قطع، وهي التي تسمى مكسرة أو مقطعة (1).
اختلاف السببين:
ليس من شرط المقاصة في الدينين أن يكون سببا الدينين من نوع واحد، كأن يكون سبب أحدهما القرض والآخر ثمن مبيع أو أجرة، فإن كان أحدهما من قرض والآخر ثمن مبيع، وقعت المقاصة، وإن اختلف السبب.
وليس من شرط المقاصة في الدينين أن يكون سبب كل منهما جائزاً غير محظور، فلو كان سبب أحدهما جائزاً كالبيع، والآخر محظوراً كالغصب أو كان السببان محظورين كالاستهلاك، وقعت المقاصة، ولا أثر لعدم مشروعية السبب في منع المقاصة، بعد توفر السبب: وهو ثبوت الدين في الذمة بحيث صار كغيره من الديون التي يجب الوفاء بها.
3ً -
انتفاء الضرر:
يشترط في المقاصة الجبرية ألا يترتب على وقوعها ضرر لأحد، فإذا ترتب عليها ضرر لأحد الطرفين أو لغيرهما، لم تقع المقاصة. قال الحنابلة (2): من عليها
(1) العناية بهامش فتح القدير: 381/ 5.
(2)
كشاف القناع: 297/ 3.
دين من جنس واجب نفقتها، لم يحتسب به عليها من نفقتها مع عسرتها؛ لأن قضاء الدين إنما يكون بما فضل عن النفقة ونحوها، أي أن المقاصة الجبرية بين دين نفقة المرأة ودين عليها لا تقع في حالة الإعسار؛ لأن النفقة مقدمة على وفاء الدين. وهذا ضرر للمدين.
وتجهيز الميت مقدم على الدين كالنفقة، فمن باع شيئاً من التركة لدائن الميت من جنس دينه، لم تقع المقاصة، مراعاة لحق الميت ودفعاً للضرر، وهذا ضرر للمدين.
والدين الموثق بالرهن مقدم على غيره من الديون العادية في استيفاء الدين من الرهن، فلو باع الراهن المرهون لدائن غير مرتهن، ليوفي دين المرتهن، وكان الثمن مثل الدين الذي للمشتري عليه، لم تقع المقاصة. وهذا ضرر لمن تعلق حقه بالعين.
وكما أن ضرر المدين نفسه، وضرر من تعلق حقه بالعين يمنع من المقاصة، كذلك يمنع منها تعلق حق باقي الغرماء، فللقاضي عند الجمهور غير أبي حنيفة أن يحجر على المدين المفلس بطلب غرمائه، وله أن يمنعه من البيع بأقل من ثمن المثل، ومن التصرف والإقرار، حتى لا يضر بالغرماء.
والخلاصة: إذا تعلق بأحد الدينين حق الغير لا تجوز المقاصة. مثال تعلق حق أحد الدينين: أن يبيع الرهن لإيفاء دين الدائن غير المرتهن، ومثال تعلق حق الغرماء: أن يبيع المفلس بعض غرمائه بثمن في الذمة من جنس دينه.
فلا مقاصة في الحالتين، لتعلق حق المرتهن بالمال في الأولى، ولتعلق حق باقي الغرماء في المبيع في الثانية.