الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على جواز بيع الحطب إذا أحرزه الحاطب، لحديث الرجل الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالاحتطاب ليستغني به عن السؤال (1).
وبالرغم من كون هذا الماء مملوكاً لصاحبه، فيجوز للمضطر الذي خاف على نفسه الهلاك من العطش: أن يشرب منه أو يأخذ منه حاجته، ولو بالقوة، ليدفع الهلاك عن نفسه إذا كان فاضلاً عن حاجة صاحبه، بأن كان يكفي لحفظ رمقهما، ولم يجد المضطر ماء آخر، ولكن يجب عليه دفع قيمة الماء؛ لأن «الاضطرار لا يبطل حق الغير» أو أن حل الأخذ للاضطرار لا ينافي الضمان. والأولى أن يقاتله بغير سلاح كالعصا؛ لأنه ارتكب معصية، فكان ذلك كالتعزير له.
النوع الثاني ـ ماء العيون والآبار والحياض:
وهو الذي يستخرجه الشخص لنفسه: وحكمه عند الحنفية (2): أنه ليس بمملوك لصاحبه، بل هو مباح في نفسه ولصاحبه حق خاص فيه، سواء أكان في أرض مباحة، أو مملوكة؛ لأن الماء في الأصل مباح لجميع الناس، لقوله صلى الله عليه وسلم:«الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار» (3).
وعليه، فإنه يثبت فيه حق الشفة، دون حق الشرب، فالأول لا يختص بشخص دون آخر، فهو لمستحقه، ولغيره من الناس، يأخذون منه حاجتهم لشربهم وشرب دوابهم واستعمالهم المنزلي.
(1) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
(2)
المراجع السابقة.
(3)
روي من حديث رجل عن أبي داود، ومن حديث ابن عباس بإسناد جيد عن ابن ماجه، ومن حديث ابن عمر عند الطبراني في معجمه (نصب الراية: 294/ 4) ورواه أحمد أيضاً. وجاء في حديث آخر «لا يُمنع فضل الماء» وهو أن يسقي الرجل أرضه، ثم تبقى من الماء بقية لا يحتاج إليها، فلا يجوز له أن يبيعها ولا يمنع منها أحد ينتفع بها، هذا إن لم يكن الماء مِلكَه، أو على قول من يرى أن الماء لا يُملك.
فإن أبى صاحبه، كان للمحتاج أخذه جبراً، ولو بالقوة، وله أن يقاتله بسلاح؛ لأن الماء في البئر مباح غير مملوك، ولكن يشترط ألا يجد المحتاج ماء آخر قريباً منه.
والدليل لحق المحتاج: أن قوماً سَفْراً وردوا ماء، فطلبوا من أهله السماح لهم بالشرب منه، وبسقي دوابهم التي كادت أن تهلك من العطش، فأبوا، فذكروا ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:«هلا وضعتم فيهم السلاح» (1).
ويلاحظ أن حكم هذين النوعين متشابه تقريباً إلا أن الأول ملك لصاحبه، والثاني غير مملوك، وللمضطر الذي يخاف الضرر على نفسه أن يأخذ الماء الفائض عن الحاجة، ولو بالقوة، لكن في النوع الأول بغير سلاح، وفي الثاني يجوز استخدام السلاح. ويتجلى في هذا النوع صفة حق الارتفاق بنحو أوضح من غيره.
وقال الشافعية في الأصح عندهم (2): يملك الشخص ماء البئر المحفورة في الأرض الموات للتملك، أو المحفورة في ملك خاص؛ لأنه نماء ملكه، كالثمرة واللبن والشجر النابت في ملكه.
ولا يلزم المالك عند الشافعية بذل مافضل عن حاجته لزرع وشجر، ويجب بذل الفاضل منه عن شربه وشرب ماشيته، وزرعه، لشرب غيره من الآدميين ولماشية غيره، على الصحيح لحرمة الروح، ولخبر الصحيحين:«لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ» أي من حيث إن الماشية إنما ترعى بقرب الماء، فإذا منع من الماء فقد منع من الكلأ، والمراد: هو نفع البئر المباحة، أي ليس لأحد أن يَغلِب عليه، ويمنع الناس منه، حتى يحوزه في إناء ويملكه.
(1) الخراج لأبي يوسف: ص 97.
(2)
مغني المحتاج: 375/ 2.