الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو غرس. فمن غلب على فعله شَبَه الاستحقاق وهم الجمهور، قرر أنه لا بد للمشتري من أن يأخذ القيمة. ومن غلب على فعله شَبَه التعدي قال وهم الحنفية: للشفيع أن يعطي قيمة البناء والغراس منقوضاً.
ثالثاً ـ نقص المشفوع فيه:
للفقهاء حول هذا الموضوع رأيان متعارضان: رأي الحنفية وقريب منه مذهب المالكية، ورأي الشافعية والحنابلة.
قال الحنفية (1): قد يكون النقص جزءاً من توابع الأرض، أو متصلاً بالأرض، أو بعضاً من الأرض نفسها.
أـ فإن كان النقص جزءاً من توابع الأرض، مثل قطف الثمر، وهلاك الآلات الزراعية أو الصناعية، ثم حكم بالشفعة للشفيع، سقط من الثمن قيمة هذه الثمار والآلات، سواء أكان النقص بفعل المشتري؛ لأنها مقصودة بالبيع، وقد أخذها المشتري، أم كان الهلاك بآفة سماوية؛ لأنها كانت بعض المعقود عليه، ودخلت في البيع مقصودة، فيقابلها حصتها من الثمن.
ب ـ وإن كان النقص جزءاً متصلاً بالأرض، مثل يبس الشجر أو جفافه، وانهدام البناء، واحتراقه، ونقضه، ثم قضي للشفيع بالشفعة، فإن كان ذلك بصنع المشتري أو غيره، نقص من الثمن قيمة ما زال، كالحالة الأولى، فتقوَّم الأرض بدون شجر وبناء، وتقوَّم وفيها البناء والشجر، ويسقط عن الشفيع مقدار التفاوت أو الفرق بينهما، لوجود التعدي والإتلاف، فيقابله شيء من الثمن. وتكون الأنقاض حينئذ للمشتري.
(1) المبسوط: 115/ 14، تبيين الحقائق: 251/ 5 وما بعدها، الدرالمختار ورد المحتار: 164/ 5 وما بعدها، تكملة الفتح: 434/ 7، اللباب: 119/ 2، الأموال ونظرية العقد في الفقه الإسلامي لأستاذنا المرحوم الدكتور محمد يوسف موسى: ص 236 وما بعدها.
وأما إن حدث ذلك بلا تعد من أحد، وإنما بآفة سماوية، كزلزال أو صقيع أو ريح عاتية، كان على الشفيع دفع الثمن كله، ولا يسقط منه شيء مقابل الجزء التالف أو الضائع؛ لأن النقص ليس بجناية أحد، ولأن الشجر والبناء تابعان للأرض، حتى إنهما يدخلان في عقد البيع بدون ذكر، فلا يقابلهما شيء من الثمن؛ لأن الأصل أن الثمن يقابل الأصل لا الوصف.
وأما مصير الأنقاض من أحجار وأخشاب: فإن لم يبق منها شيء، فلا إشكال. وإ ن بقي منها شيء، وأخذه المشتري لانفصاله من الأرض وعدم تبعيته لها، سقطت حصته من الثمن، بقيمته يوم الأخذ. وأما الدار فتقوم يوم العقد، ويوزع الثمن بين الدار والأنقاض بحسب قيمتها على النحو المذكور.
وإن لم يأخذ المشتري الأنقاض، كأن هلكت بعد انفصالها، لم يسقط شيء من الثمن، لعدم حبس الأنقاض من قبله، ولأنها من التوابع، والتوابع لا يقابلها شيء من الثمن، وبالأخذ بالشفعة تحولت الصفقة إلى الشفيع.
جـ ـ وأما إن كان النقص في الأرض نفسها، لا فيما عليها من شجر أو بناء، كأن أغرقها السيل، فأزال بعضها، كان للشفيع الخيار بين ترك الشفعة، وبين أخذ الباقي بحصته من الثمن؛ لأن حقه ثابت في الكل، وقد تمكن من أخذ البعض، فيأخذه بحصته من الثمن، لهلاك بعض الأصل.
ومذهب المالكية إجمالاً كالحنفية، فإنهم قالوا (1): لا يضمن المشتري نقص الشقص (الجزء المشفوع فيه) إذا طرأ عليه بسب سماوي، أو بسبب من المشتري لمصلحة، كأن هدم ليبني أو لأجل توسعة.
فإن كان النقص بسبب من المشتري، كأن هدم لا لمصلحة، ضمن.
فإن هدم وبنى، فللمشتري قيمته يوم البناء على الشفيع قائماً، لعدم تعديه.
(1) الشرح الصغير: 654/ 3، الشرح الكبير: 494/ 3.