الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للبناء أو للزرع أو حظيرة للغنم أو الخشب أو غيرها، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من أحاط حائطاً على أرض، فهي له» (1)، ولأن الحائط حاجز منيع، فكان إحياء.
وكالحائط: إجراء ماء للأرض من نهر أو بئر إن كانت لا تزرع إلا به، أو حفر بئر فيها ينبع منها الماء، فإن لم يخرج الماء فهو كالمحتجر الشارع في الإحياء.
ومثل الحائط: أن يغرس فيها شجراً، أو أن يمنع عن الموات ما لا يمكن زرعها إلا بحبسه عنها كأرض البطائح (2).
وفي الجملة: الإحياء يكون إما بالتحويط المنيع أو إيجاد الماء أو غرس الشجر.
ولا يحصل الإحياء بمجرد الحرث والزرع؛ لأنه لا يراد للبقاء بخلاف الغرس، كما لا يحصل الإحياء أيضاً بخندق يجعله حول الأرض التي يريد إحياءها ولا بشوك وشبهه يحوطها به، ويكون تحجراً.
هل يحصل الإحياء بالتحجير
؟ التحجير أو التحويط: هو الإعلام بوضع الأحجار حول الأرض، أي وضع سور من الأحجار والأشواك ونحوها على جوانب الأرض، وقد اتفق الفقهاء على عدم صلاحيته للإحياء، لكن المتحجر يكون أحق بها من غيره.
قال الحنفية (3): إن حجر شخص الأرض، لا يملكها بالتحجير؟ لأنه ليس بإحياء في الصحيح؛ لأن الإحياء جعلها صالحة للزراعة، والتحجير للإعلام مشتق
(1) رواه أحمد وأبو داود عن جابر، ولهما مثله عن سمرة بن جندب.
(2)
البطحاء والأبطح: مسيل واسع فيه دقاق الحصى.
(3)
تبيين الحقائق: 35/ 6، تكملة الفتح: 138/ 8، الدر المختار: 307/ 5.
من الحجر: وهو المنع للغير بوضع علامة من حجر، أو بحصاد ما فيها من الحشيش والشوك ونفيه عنها وجعله حولها، أو بإحراق ما فيها من الشوك وغيره، وكل ذلك لا يفيد الملك، فبقيت مباحة على حالها.
لكن المتحجر أولى بها من غيره، ولا تؤخذ منه إلى ثلاث سنين، فإذا لم يعمرها فيها، أخذها الحاكم منه، ودفعها إلى غيرها. والتقدير بثلاث سنين مأخوذ من قول عمر رضي الله عنه:«ليس لمتحجر بعد ثلاث سنين حق» (1) لكن هذا حكم ديانة، أما قضاء: فإذا أحياها غيره قبل مضيها، ملكها لتحقق سبب الملك منه، دون الأول أي المتحجر.
وقال المالكية (2): لا يكون الإحياء بتحويط (تحجير) للأرض بنحو خط عليها، ولا رعي كلأ بها، ولا حفر بئر ماشية أو شرب بها، إلا أن يبين الملكية حين حفر البئر، فإن بينها فإحياء.
وقرر الشافعية والحنابلة (3) أنه: إن تحجر مواتاً، وهو أن يشرع في إحيائه، ولم يتمه، أو أعلم على بقعة بنصب أحجار، أو غرز خشباً فيها، أو نصب أسلاكاً شائكة، أو حاطها بحائط صغير لم يملكها بما ذكر؛ لأن الملك بالإحياء، وليس هذا إحياء.
لكن يصير أحق الناس به لحديث أبي داود: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو أحق به» .
(1) رواه أبو يوسف في كتاب الخراج عن سعيد بن المسيب بلفظ: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين» لكن في سنده الحسن بن عمارة ضعيف، وسعيد عن عمر فيه كلام (نصب الراية: 290/ 4).
(2)
الشرح الكبير: 70/ 4، الشرح الصغير: 93/ 4.
(3)
مغني المحتاج: 366/ 4، المهذب: 425/ 1، المغني: 518/ 5، 543 وما بعدها، كشاف القناع: 214/ 4.