الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر الإكراه في التصرفات الشرعية المخير فيها:
عرفنا أن التصرفات الشرعية إما أن تكون قابلة للفسخ أو غير قابلة للفسخ.
أما التصرفات الشرعية التي لا تحتمل الفسخ والمخير فيها بالإكراه، فللفقهاء في حكمها رأيان:
الأول ـ رأي الشافعية: وهو أنهم يشترطون تعيين الشيء المكره عليه، فلا إكراه مع التخيير، وتكون التصرفات المخير فيها التي لا تقبل الفسخ نافذة.
الثاني ـ رأي جمهور الأئمة: وهو أنهم يقولون: لا يشترط التعيين في المكره عليه، فالإكراه باق مع التخيير، ويترتب على الإكراه أثره في التصرفات الشرعية المخير فيها التي لا تحتمل الفسخ بحسب المقرر في كل مذهب، كما تقدم.
فإذا أكره إنسان على أن يطلق امرأته المدخول بها أو امرأته غير المدخول بها وطلق إحدى المرأتين: لم يعتبر الإكراه عند الشافعية، ويقع الطلاق؛ لأنه وجدت قرينة على الاختيار فيما أتى به.
وعند بقية الأئمة: يعتبر الإكراه، ولكنهم فصلوا في وقوع الطلاق أي ترتيب أثر الإكراه، فعند الحنفية: يقع الطلاق إذ لا أثر للإكراه عندهم في التصرفات القولية التي لا تحتمل الفسخ. وفي المعتمد عند المالكية: لا يلزم الطلاق، وللمستكره بعد زوال الإكراه حق إجازة الطلاق. وعند الحنابلة: يقع الطلاق؛ لأن التخيير كالتعيين عندهم.
وأما التصرفات الشرعية المخير فيها التي تحتمل الفسخ، فكذلك للفقهاء في أثر الإكراه فيها رأيان:
الأول ـ رأي الشافعية القائلين بأنه لا إكراه مع التخيير.
الثاني ـ رأي باقي الأئمة الذين يقولون بأنه لا مانع من وجود الإكراه مع التخيير.
مثلاً: إذا أكره الرجل على بيع إحدى العمارتين المملوكتين له، فباع إحداهما، كان البيع نافذاً عند الشافعية لانعدام الإكراه هنا.
وعند باقي الأئمة: يترتب على الإكراه أثره كما في حالة التعيين. وبناء عليه يكون بيع إحدى العمارتين باطلاً عند الحنابلة والظاهرية، وفاسداً عند جمهور الحنفية، وموقوفاً عند المالكية وزفر. وأدلة كل منهم تعرف في مثال الإكراه على البيع السابق ذكره (1).
(1) المراجع السابقة في بحث الإكراه في التصرفات القابلة للفسخ، مغني المحتاج: 289/ 3، الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه: 367/ 2، بحث الإكراه للبرديسي ـ القسم الثاني: ص 60 ومابعدها.