الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان مسلماً تبعاً للدار، وإذا وجده كافر في دار الإسلام كان مسلماً، أو وجده ذمي أو مسلم في كنيسة كان ذمياً (1).
فتكون الأقوال ثلاثة: العبرة للمكان، أو العبرة للواجد، أو العبرة للمكان أو الواجد، والقول الثالث هو الأصح عند الحنفية.
وقال الشافعية والحنابلة: إذا وجد لقيط بدار الإسلام فهو مسلم، وإن وجد بدار الكفار فكافر إن لم يسكنها مسلم كأسير وتاجر، فإن سكنها مسلم فهو مسلم في الأصح (2) تغليباً للإسلام، بدليل ما روى أحمد والدارقطني:«الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» .
4 - حكم النسب:
يعتبر اللقيط مجهول النسب، حتى لو ادعى إنسان نسبة اللقيط تصح دعوته،،ويثبت النسب منه. وبناء عليه: لو ادعى الملتقط أو غيره أن اللقيط ابنه تسمع دعواه من غير بينة، والقياس ألا تسمع إلا ببينة.
وجه القياس ظاهر، وهو أنه يدعي أمراً يحتمل الوجود وعدمه، فلا بد من ترجيح أحد الجانبين على الآخر بمرجح، وذلك بالبينة، ولم توجد.
ووجه الاستحسان: أن هذا الادعاء إقرار بما ينفع اللقيط؛ لأنه يتشرف بالنسب ويعير بفقده، وتصديق المدعي في مثل هذا لا يتطلب البينة. لكن لو ادعى نسبه ذمي تقبل دعواه، ويثبت نسبه منه، لكنه يكون مسلماً؛ لأن ادعاء النسب يقبل فيما ينفع اللقيط لا فيما يضره، ولا يلزم من كونه ابناً له أن يكون كافراً، كما لو أسلمت أمه مثلاً، فيلحق الولد خير الأبوين ديناً، كما هو معروف.
(1) البدائع: 198/ 6.
(2)
مغني المحتاج: 422/ 2، المغني: 681/ 5.
ولو ادعاه رجلان أنه ابنهما، ولا بينة لهما، فإن كان أحدهما مسلماً، والآخر ذمياً، فالمسلم أولى بثبوت نسبه منه؛ لأنه أنفع للقيط.
وإن كان المدعيان مسلمين حرين: فإن وصف أحدهما علامة في جسد الولد، فهو أحق به عند الحنفية؛ لأن ذكر العلامة يدل على أنه كان في يده، فالظاهر أنه له، فيترجح بها، بدليل قوله تعالى مخبراً عن أهل امرأة عزيز مصر:{إن كان قميصه قدّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قميصه قدّ من دُبُر، فكذبت وهو من الصادقين} [يوسف:26/ 12 - 27].
وإن لم يصف أحدهما علامة، أو أقام كل منهما البينة، يحكم بكونه ابناً لهما، إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر، وقد روي عن سيدنا عمر في مثل هذا أنه قال: إنه ابنهما يرثهما ويرثاه.
وإن ذكر أحدهما بينة، والآخر علامة، فصاحب البينة أولى؛ لأنه ترجح جانبه بمرجح.
وقال الشافعية: إن ادعى اللقيط اثنان ولم يكن لأحدهما بينة، عرض اللقيط على القائف (1) فيلحق من ألحق به؛ لأن في إلحاقه أثراً في الانتساب عند الاشتباه (2).
وإن ادعت امرأة أن اللقيط ابنها: فإن لم يكن لها زوج، لا يصح ادعاؤها؛ لأن فيه حمل نسب شخص على الغير وهو الزوج، وهو لا يجوز. وإن كان لها
(1) القائف جمعه قافة: وهم قوم يعرفون الأنساب بالشبه، والقائف: من عرفت منه معرفة الأنساب بالشبه، وتكررت منه الإصابة. والأصل في القائف: هو الذي يتبع الآثار والأشباه ويقفوها، أي يتبعها، فهو المتبع للشيء.
(2)
مغني المحتاج: 428/ 2.