الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولى ـ أن يقع مع العقد المنشئ للدين: كأن يشترط البائع على المشتري بثمن مؤجل إلى المستقبل في مدة معينة تسليم رهن بالثمن. وهذا صحيح باتفاق المذاهب، لأن الحاجة داعية إليه.
الثانية ـ أن يقع بعد الحق أو نشوء الدين: وهو صحيح أيضاً بالاتفاق؛ لأنه دين ثابت تدعو الحاجة إلى أخذ الوثيقة به، فجاز أخذها به كالضمان (الكفالة). وآية {فرهان مقبوضة} [البقرة:283/ 2] تشير إليه؛ لأن الرهن بدل عن الكتابة، والكتابة بعد وجوب الحق.
الثالثة ـ أن يقع قبل نشوء الحق: مثل: رهنتك متاعي هذا بمئة تقرضنيها: يصح عند المالكية والحنفية؛ لأنه وثيقة بحق، فجاز عقدها قبل وجوبه، كالكفالة وهذا هو المعقول. ولا يصح عند الشافعية والحنابلة في ظاهر المذهب؛ لأن الوثيقة بالحق لا تلزم قبله، كالشهادة، ولأن الرهن تابع للحق، فلا يسبقه.
المبحث الثاني - شروط الرهن:
للرهن شروط انعقاد، وشروط صحة، وشرط لزوم وهو القبض.
المطلب الأول ـ شروط العاقدين:
يشترط في عاقدي الرهن (الراهن والمرتهن) ما يأتي (1):
الأهلية:
الأهلية عند الحنفية والمالكية: هي أهلية البيع، فكل من يصح بيعه يصح رهنه؛ لأن الرهن تصرف مالي كالبيع، فوجب أن يراعى في عاقديه ما يراعى
(1) البدائع: 135/ 6، بداية المجتهد: 268/ 2، حاشية الشرقاوي: 123/ 2، كشاف القناع: 309/ 3، الشرح الكبير للدردير:231/ 3 ومابعدها، 292.
في عاقدي البيع. فيشترط في عاقدي الرهن: العقل أو التمييز، فلا يجوز الرهن والارتهان من المجنون والصبي غير المميز أو الذي لا يعقل.
ولا يشترط البلوغ، فيجوز الرهن من الصبي المأذون في التجارة؛ لأن ذلك من توابع التجارة. ويصح رهن الصبي المميز والسفيه، موقوفاً على إجازة وليه.
والأهلية عند الشافعية والحنابلة تتمثل في أهلية البيع والتبرع، فيصح الرهن ممن يصح بيعه وتبرعه؛ لأن الرهن تبرع غير واجب، فلا يصح من مستكره، ولا من صبي غير بالغ، ولا مجنون، ولا سفيه، ولا مفلس، ولا يصح من ولي أباً أو جداً أو وصي أو حاكم إلا لضرورة أو مصلحة ظاهرة للقاصر، مثال الضرورة: أن يرهن على ما يقترض لحاجة المؤنة (القوت)، ليوفي مما ينتظر من غلة، أو حلول دين، أو رواج متاع كاسد (بائر)، أو أن يرتهن ما يقرضه أو يبيعه مؤجلاً لضرورة نهب أو نحوه.
ومثال المصلحة (أو الغبطة) الظاهرة للقاصر: أن يرهن ما يساوي مئة على ثمن ما اشتراه بمئة نسيئة مؤجلة، وهو يساوي مئتين حالّتين. وأن يرتهن على ثمن ما يبيعه نسيئة بمصلحة ظاهرة.
وإذا رهن الولي أو الوصي: فلا يرهن إلا من أمين غير خائن، موسر، وأن يشهد على الرهن، وأن يكون الأجل قصيراً عرفاً. فإن فقد شرط من هذه الشروط، لم يجز الرهن (1). ولا يصح للولي أو الوصي أن يرهن مال موليه لدين عليهما لأجنبي، إذ ليس فيه مصلحة المولى عليه.
وعبر الحنابلة عن هذا الحكم بشرطين: أن يكون عند ثقة، وأن يكون للقاصر
(1) حاشية الشرقاوي: 123/ 2، مغني المحتاج: 122/ 2.