الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن لو سقط حق فسخ البيع الفاسد بأسباب مسقطة للفسخ، كزيادة المبيع، وزوال ملك المشتري بالتصرف في المشترى إلى غيره، كان للشفيع عند الحنفية والمالكية (1) أن يأخذ بالشفعة؛ لأن المانع قيام احتمال الفسخ ولقد زال المانع، كما لو باع شخص بشرط الخيار له، ثم أسقط الخيار، وجبت الشفعة لزوال المانع من ثبوت الحق، وهو الخيار، فكذا هو.
وفي حالة بيع المشتري الشيء المشترى شراء فاسداً، يكون الشفيع عند الحنفية بالخيار، إن شاء أخذ الشفعة بالبيع الأول، وإن شاء أخذها بالبيع الثاني؛ لأن حق الشفيع ثابت عند كل من البيعين، غير أنه إن أخذ بالبيع الثاني أخذ بالثمن، وإن أخذ بالبيع الأول، أخذ بقيمة المبيع يوم القبض؛ لأن البيع الفاسد يفيد الملك بقيمة المبيع لا بالثمن. وإنما تقدر القيمة يوم القبض؛ لأن المبيع بيعاً فاسداً مضمون بالقبض، كالمغصوب.
ورأي المالكية قريب من هذا، كما ظهر في مبدأ الكلام عن المبحث الرابع.
الشرط الرابع ـ ملك الشفيع المشفوع به وقت البيع:
اتفق الفقهاء على شرط كون الشفيع مالكاً ما يشفع به قبل البيع، واختلفوا في استمرار الملك حتى القضاء بالشفعة على رأيين:
فقال الحنفية (2): يشترط استمرار ملك الشفيع حتى يقضى له بالشفعة، فلو بيع عقار، فطلبه الشريك أو الجار بالشفعة، ثم باع ما يشفع به، سقط حقه فيها؛ لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر عن الشفيع (الشريك أو الجار عندهم) ولا ضرر يصيبه من المشتري بعد بيع ملكه.
(1) البدائع، والشرح الصغير، المكان السابق.
(2)
البدائع: 14/ 5، تكلمة الفتح: 446/ 7، الكتاب مع اللباب: 113/ 2، الدر المختار ورد المحتار: 157/ 5، 170.
وكذا لو باع الشفيع ما يشفع به قبل أن يقضى له بالشفعة، سقط حقه، سواء أكان عالماً ببيع الدار المشفوع فيها، أم لم يعلم.
وقال جمهور الفقهاء (غير الحنفية)(1): يشترط ثبوت ملك الشفيع وقت البيع فقط، ولايشترط استمرار الملك إلى وقت القضاء بالشفعة. وعليه نص الشافعية فقالوا: لو باع الشفيع حصته، أو أخرجها عن ملكه بغير البيع كالهبة، جاهلاً بالشفعة، فالأصح بطلانها، لزوال سببها، وهو الشركة أي حين البيع.
أـ ويترتب على هذا الشرط بالاتفاق أنه لا شفعة لشخص بدار يسكنها بالإجارة، أو الإعارة، ولا بدار باعها قبل بيع المشفوع فيه، ولا بدار جعلها مسجداً، ولا بدار جعلها وقفاً، فلا شفعة للوقف، أي ليس لناظر الوقف أن يطلب تملك العقار المبيع بجوار الأراضي الموقوفة، إذ لا مالك للوقف.
أما إذا بيع الوقف عند الحنفية القائلين بجواز الاستبدال بالعين الموقوفة للضرورة أو للحاجة والمصلحة، فيثبت حق الشفعة للجار؛ لأنه بالبيع يصبح غير موقوف، فيجوز أخذه بالشفعة.
كذلك تثبت الشفعة عند الحنفية في حالة بيع العقار الموقوف غير المحكوم به (2)، كما تثبت في بيع الأراضي العشرية والخراجية لأنها مملوكة، بخلاف الأراضي السلطانية، فإنه لا شفعة فيها.
(1) بداية المجتهد: 260/ 2، القوانين الفقهية: ص 287، مغني المحتاج: 298/ 2، 303، 308 وما بعدها، نهاية المحتاج: 308/ 4، المهذب: 383/ 1، المغني: 317/ 5، 346، غاية المنتهى: 263/ 2، كشاف القناع: 153/ 4، 158، 176، الشرح الصغير للدردير: 645/ 3، الشرح الكبير: 474/ 3، 487.
(2)
يرى أبو حنيفة أن الوقف لا يلزم ويزول ملك الواقف عنه إلا إذا حكم به الحاكم، أو علقه الواقف بموته (الهداية: 10/ 3).