الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول ـ تعريف الشفعة، ودليلها وحكمتها، وركنها وأطرافها، وحكمها وصفتها:
أولاً ـ تعريف الشفعة:
الشفعة لغة: مأخوذة من الشفع بمعنى الضمّ أو الزيادة والتقوية، تقول: شفعت الشيء: ضممته، سميت شفعة؛ لأن الشفيع يضم مايتملكه بهذا الحق إلى نصيبه أو ملكه، فيزيده عليه، ويتقوى به، فقد كان الشفيع منفرداً في ملكه، فبالشفعة ضم المبيع إلى ملكه، فصار شفعاً ضد الوتر.
وفي الاصطلاح الفقهي: هي حق تملك العقار المبيع جبراً عن المشتري، بما قام عليه، من ثمن وتكاليف (أي النفقات التي أنفقها) لدفع ضرر الشريك الدخيل أو الجوار. وهذا عند الحنفية (1)؛ لأن الشفعة تثبت عندهم للشريك والجار.
وعرفها الجمهور غير الحنفية: بأنها استحقاق شريك أخذ ما عاوض به شريكه، من عقار، بثمنه أو قيمته، بصيغة. وبعبارة أخرى: هي حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث، فيما ملك بعوض (2). وهذا لأن الشفعة حق للشريك فقط دون الجار عند الجمهور.
ويلاحظ أن المذاهب الأربعة حصروا الشفعة في العقار. أما الظاهرية فقد أجازوها أيضاً في المنقول، كالحيوان ونحوه (3).
ثانياً ـ دليلها وحكمة مشروعيتها:
الدليل على مشروعية الشفعة هو السنة والإجماع:
(1) الدرالمختار: 152/ 5، تكملة الفتح: 406/ 7، تبيين الحقائق: 239/ 5، اللباب: 106/ 2.
(2)
الشرح الصغير: 630/ 3، الشرح الكبير: 473/ 3، مغني المحتاج: 296/ 2، كشاف القناع: 196/ 4، المغني: 284/ 5.
(3)
المحلى: 101/ 9، م 1594.
أما السنة، فأحاديث كثيرة: منها حديث جابر رضي الله عنه: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصُرِّفت الطرق، فلا شفعة» (1) وفي رواية «في أرض، أو رَبْع، أو حائط» والربع: المنزل، والحائط: البستان.
ومنها حديث آخر لجابر: «الجار أحق بشفعة جاره يُنتظر بها، وإن كان غائباً، إذا كان طريقهما واحداً» (2).
ومنها حديث سمرة: «جار الدار أحق بالدار من غيره» (3).
ومنها حديث أبي رافع: «الجار أحق بسقبه» أو «بصقبه» (4) أي أحق بقربه وبشفعته؛ لأن السقب أو الصقب: ما قرب من الدار.
وأما الإجماع: فقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم، فيما بيع من أرض أو دار أو حائط .. ولا نعلم أحداً خالف هذا إلا الأصم، فإنه قال: لا تثبت الشفعة؛ لأن في ذلك إضراراً بأرباب الأملاك، فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا ابتاعه لم يبتعه، ويتقاعد الشريك عن الشراء، فسيتضر المالك؛ أي أن الشفعة تصادم مبدأ حرية المتعاقد في التصرف. ورد عليه: بأن قوله ليس بشيء لمخالفته الآثار الثابتة والإجماع المنعقد قبله (5).
(1) رواه أحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجه، وهو صحيح. وصرفت: بتخفيف الراء، وقيل بتشديدها، أي بينت مصارفها.
(2)
رواه الخمسة (أحمد وأصحاب السنن) إلا النسائي.
(3)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، والبيهقي والطبراني والضياء، لكن في إسناده كلام واضطراب.
(4)
أخرجه البخاري (راجع الأحاديث في نصب الراية: 172/ 4 - 175، نيل الأوطار: 331/ 5 - 336).
(5)
المغني: 284/ 5.