الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني ـ محل المهايأة:
محل المهايأة: المنافع دون الأعيان، لأنها قسمة المنفعة دون العين، فكان محلها المنفعة دون العين.
وعلى هذا: لو اتفق اثنان على أن يسكن أحدهما في قسم من دار، والآخر في القسم الباقي، أو على أن يسكن أحدهما العلو، والآخر السفل، صح، وله إجارته وأخذ غلته. وكذا تجوز المهايأة في الأراضي المشتركة.
أما لو تهايآ في نخل أو شجر بين شريكين، على أن يأخذ كل واحد منهما جزءاً يستثمره، لا يجوز؛ أو تهايآ في الغنم المشتركة على أن يأخذ كل واحد منهما عدداً معيناً منهما، وينتفع بألبانها، لا يجوز؛ لأن المهايأة عقد يرد على قسمة المنافع، والثمر واللبن عين، فلا يصلح محلاً للمهايأة، وهذا متفق عليه بين الفقهاء (1).
وقال الشافعية: ولا تصح قسمة الديون في الذمم ولو بالتراضي، وكل من أخذ منها شيئاً لا يختص به. ونصت المادة (1175) من المجلة على أن «المهايأة لا تجري في المثليات، بل في القيميات، ليكون الانقطاع بها ممكناً حال بقاء عينها» .
المبحث الثالث ـ صفة المهايأة:
للفقهاء رأيان في لزوم المهايأة، رأي للجمهور غيرالمالكية بأنها غير لازمة، ورأي للمالكية بأنها لازمة. وعباراتهم ما يأتي:
(1) البدائع: 32/ 7، تبيين الحقائق: 277/ 5، القوانين الفقهية: ص 285، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: 498/ 3، الشرح الصغير: 660/ 3 وما بعدها، بجيرمي الخطيب: 345/ 4، المغني: 130/ 9، كشاف القناع: 367/ 6.
قال الحنفية (1): المهايأة بالتراضي زماناً أو مكاناً عقد غير لازم، فلو طلب أحد الشريكين من الحاكم المهايأة، والآخر القسمة، يجاب الثاني؛ لأن قسمة العين أقوى من قسمة المنفعة؛ لأن في الأولى تجتمع المنافع في وقت واحد على الدوام، وفي الأخرى تجتمع على التعاقب (2).
وبناء عليه تكون المهايأة عقداً جائزاً محتملاً للفسخ، كسائر العقود الجائزة، تفسخ ولو بغير عذر، ولا تبطل المهايأة بموت أحد الشريكين أو بموتهما، بخلاف الإجارة، لأنها لو بطلت أي المهايأة أعادها القاضي للحال أي استأنفها حالاً، ولا فائدة من الاستئناف، كما لا فائدة في الانقضاء والإبطال، لأنه يجوز لكل واحد فسخها، بغير رضا الآخر.
أما المهايأة بالتقاضي: فهي عقد لازم، كما أوضح ابن عابدين، فلا يجوز لكل من الشريكين نقضها بلا عذر، ما لم يصطلحا.
وقال الشافعية (3): المهايأة عقد غير لازم، لكل من الشريكين الرجوع عنها متى شاء، ولا إجبار فيها من القاضي.
وكذلك قال الحنابلة (4): لا تلزم المهايأة، فمتى رجع أحد الشريكين عنها، انقضت المهايأة، والمهايأة معاوضة لا يجبر عليها كالبيع كما قال الشافعية. ولو طلب أحدهما القسمة كان له ذلك، وانتقضت المهايأة، أي كما قال الحنفية.
أما المالكية فقالوا (5): وتلزم المهايأة كالإجارة، فهي من العقود اللازمة،
(1) البدائع: 32/ 7، الدر المختار ورد المحتار: 184/ 5، 189، تبيين الحقائق: 276/ 5.
(2)
انظر المادة (1182) مجلة الآتي نصها في الحاشية التالية.
(3)
بجيرمي الخطيب: 345/ 4.
(4)
المغني: 130/ 9.
(5)
بداية المجتهد: 266/ 2، القوانين الفقهية: ص 285.