الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً ـ ركن القسمة وسببها وشرط لزومها:
ركن القسمة: هو الفعل الذي يحصل به الإفراز والتمييز بين الأنصباء، ككيل وذرع، وسببها: طلب الشركاء أو بعضهم الانتفاع بملكه على وجه الخصوص، فلو لم يطلبوا لا تصح القسمة. وشرط لزومها بطلب أحد الشركاء: عدم فوت المنفعة بالقسمة، أي عدم إبطال فائدة الشيء
المتعارفة، فلا يقسم مثلاً الحائط والحمام والبيت الصغير (1).
رابعاً ـ صفة القسمة:
تتردد صفة القسمة عند الفقهاء بين وصفين: الإفراز أو التمييز، والبيع أو المبادلة.
فقال الحنفية (2): تشتمل القسمة مطلقاً (في المثليات أو القيميات) على وصفين: هما الإفراز: وهو أخذ عين حقه، والمبادلة: وهو أخذ عوض حقه. والسبب في اشتمالها على معنى المبادلة: أن ما يأخذه كل شريك، بعضه كان له، وبعضه كان لصاحبه، فهو يأخذه عوضاً عما يبقى من حقه في حصة صاحبه، فتكون القسمة مبادلة من وجه، وإفرازاً من وجه.
والإفراز: هو الظاهر الغالب في المثليات، أي المكيلات والموزونات وما في حكمها: وهي الذرعيات والعدديات المتقاربة كالجوز والبيض، لعدم التفاوت بين أجزائها، حتى كان لأحد الشريكين أن يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه.
والمبادلة: هي الظاهر الغالب في غير المثليات أي القيميات كالحيوانات
(1) الدر المختار: 178/ 5.
(2)
الدر المختار: 178/ 5، اللباب: 91/ 4، تكملة الفتح: 2/ 8، البدائع: 26/ 7.
والدور وأصناف العروض التجارية، للتفاوت بين أفرادها، حتى لا يكون لأحد الشريكين أخذ نصيبه عند غيبة صاحبه (1).
إلا أنه إذا كانت الأشياء المشتركة متحدة الجنس، جازت القسمة الجبرية، أي يجبر القاضي على القسمة عند طلب أحد الشركاء؛ لأن فيها معنى الإفراز، ويصح الجبر في المبادلة، كما هو المقرر في حالة بيع ملك المدين، لوفاء دينه.
وإن كانت الأشياء المشتركة أجناساً مختلفة، لم تجز القسمة الجبرية، فلا يجبر القاضي على القسمة، لتعذر المعادلة. وتجوز القسمة الرضائية حينئذ؛ لأن الحق للشركاء.
وقال المالكية (2): قسمة المراضاة: وهي التي تتم بلا قرعة كالبيع، وقسمة القرعة: تمييز حق في مشاع بين الشركاء، لا بيع، وقسمة المهايأة في المنافع كالإجارة.
وقال الشافعية (3): القسمة إفراز النصيبين وتمييز الحقين إلا إذا كان في القسمة رد، أي
تعويض (أورد مال أجنبي عن المقسوم)، فهي بيع، كأن يكون في أحد جانبي الأرض المشتركة بئر أو شجر مثلاً، لا يمكن قسمته، فيرد من يأخذه بالقسمة بالقرعة قسط قيمة البئر أو الشجر، في المثال المذكور.
وكذلك تكون القسمة بيعاً إذا كانت بالتعديل للسهام (وهي الأنصباء)
(1) نصت المادة (1116) مجلة عن ذلك، فقالت:«والقسمة من جهة إفراز، ومن جهة مبادلة .. » ، كما نصت المادة (1117) على أن «جهة الإفراز في المثليات راجحة .. » والمادة (1118) على أن «جهة المبادلة في القيميات راجحة .. » ونصت المادة (1119) على المثليات.
(2)
الشرح الصغير: 660/ 3، 662، 664.
(3)
حاشية الباجوري: 352/ 2 - 354، المهذب: 306/ 2.