الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس ـ القاسم
تعيينه، وشروطه، وأجرته، وتعدد القسام.
أولاً ـ تعيين القاسم:
القاسم: هو الذي يمارس القسمة. وقد يتولى الشركاء أنفسهم بالتراضي إجراء القسمة إلا إذا كان فيهم صغير فيحتاج إلى أمر القاضي، لأنه لا ولاية لهم عليه، وقد يعينون وكيلاً عنهم، وهو الغالب، وقد يعينه القاضي. ويندب للإمام أو للقاضي تعيين قاسم دائم، يُرزق من بيت المال، ليقسم بلا أخذ أجر، وهو أحب وأولى؛ لأنه أرفق بالناس وأبعد عن التهمة، ولأن القسمة من جنس عمل القضاء، لأن به يتم فصل الخصومة وقطع المنازعة، ونفعه يعم الناس، فتكون كفايته في مالهم، غرماً بالغنم.
فإن لم يعين قاسم دائم، عين القاضي قاسماً يقسم بأجر المثل على حساب المتقاسمين؛ لأن النفع عائد لهم على الخصوص، وبقدر أجر مثله، كيلا يتحكم بطلب الزيادة عن المثل، كما أنه لا يجبر القاضي الناس على قاسم واحد، لأنه لو تعين لتحكم أيضاً بالزيادة على أجر مثله. ولا يترك القاضي القسّام يشتركون (تكوين شركة مثلاً) كيلا يتواضعوا على مغالاة الأجر، فيتضرر الناس (1)، فإن كونوا نقابة على النحو الحديث بإشراف الحاكم جاز؛ لأن الحاكم يوافق على نظام النقابة، ويمنع المغالاة.
ثانياً - شروط القاسم:
اشترط الحنفية استحباباً وندباً في القاسم شروطاً هي مايأتي (2):
(1) تكملة الفتح: 5/ 8، الدر المختار: 179/ 5، تبيين الحقائق: 265/ 5، اللباب: 91/ 4 وما بعدها.
(2)
المراجع السابق. البدائع: 19/ 7، 26.
1 -
أن يكون عدلاً أميناً عالماً بالقسمة، لأنه لو كان غير عدل، خائناً أو جاهلاً بأمور القسمة يخاف منه الجور في القسمة لا يجوز.
2 -
أن يكون معيناً من القاضي، لأن قسمة غيره لا تنفذ على الصغير والغائب، ولأنه أجمع لشرائط الأمانة.
3 -
المبالغة في تعديل الأنصباء، والتسوية بين السهام، بأقصى الإمكان لئلا يدخل القصور في سهم.
وينبغي ألا يدع القاسم حقاً بين شريكين غير مقسوم من الطريق والمسيل والشِّرب إلا إذا لم يمكن.
وينبغي ألا يضم القاسم نصيب بعض الشركاء إلى بعض، إلا إذا رضوا بالضم، لأنه يحتاج إلى القسمة ثانياً.
4 -
أن يقرع بين الشركاء بعد الفراغ من القسمة، تطييباً للنفوس ولورود السنة بها (1)، ولأن القرعة أنفى للتهمة.
واشترط الشافعية والحنابلة في القاسم المعين من قبل القاضي سبعة شروط وهي (2):
الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والذكورة، والعدالة، وعلم المساحة والحساب؛ لأن علمهما آلة القسمة. وأضاف الشافعية اشتراط السمع والبصر
(1) روى أحمد والشيخان عن عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يخرج سفراً أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها، خرج بها معه» (نيل الأوطار: 217/ 6).
(2)
بجيرمي الخطيب: 338/ 4 وما بعدها، حاشية الباجوري: 351/ 2، كشاف القناع: 372/ 6، المغني: 126/ 9.