الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشفعة؛ لأن الأخذ بالشفعة يلزم المشتري بالعقد بغير رضاه، ويوجب العهدة (1) عليه، ويفوت حقه من الرجوع في عين الثمن، فلم يجز، كما لو كان الخيار للبائع.
الشرط الثاني ـ أن يكون العقد عقد معاوضة:
لا يثبت الحق في الشفعة إلا إذا خرج العقار عن ملك صاحبه بعقد معاوضة، وهو البيع، أو ما في معناه كالهبة بشرط العوض إن تقابضا، والصلح عن مال لأنه معاوضة، سواء أكان العقار المبيع وقفاً أم غير وقف.
ففي البيع تجب الشفعة، لانتقال المبيع إلى المشتري بعوض، لحديث جابر السابق:«فإن باعه، ولم يؤذنه، فهو أحق به» . وفي الهبة بعوض تجب الشفعة عند الحنفية إن تقابضا، لوجود معنى المعاوضة، عند التقابض؛ لأن الهبة لا تثبت إلا بالقبض، فإن قبض أحدهما دون الآخر، فلا شفعة عند أئمة الحنفية الثلاثة (أبي حنيفة وصاحبيه). وعند زفر: تجب الشفعة بنفس العقد؛ لأن الهبة بشرط العوض عند الثلاثة: تقع تبرعاً ابتداء، معاوضة انتهاء، وبناء عليه: يشترط ألا يكون الموهوب ولا عوضه شائعاً، لأنه هبة ابتداء. وعند زفر: تقع معاوضة ابتداء وانتهاء.
ولم يشترط التقابض عند الجمهور غير الحنفية في الهبة بشرط العوض (الثواب)؛ لأن الهبة عندهم عقد لازم، ولأن الموهوب له يملك الموهوب بعوض هو مال، فلم يفتقر إلى القبض في استحقاق الشفعة.
(1) المراد بالعهدة هنا: رجوع من انتقل الملك إليه من شفيع أو مشتر على من انتقل عنه الملك من بائع أو مشتر بالثمن أو الأرش عند استحقاق الشقص (الحصة من المبيع) أو عيبه (كشاف القناع: 182/ 4).
وتجب الشفعة في الدار التي هي بدل الصلح، سواء أكان الصلح على الدار عند الحنفية عن إقرار أم إنكار، أم سكوت، لوجود معنى المعاوضة.
وهذا الشرط متفق عليه بين الفقهاء في المشهور عن مالك (1)، فلا شفعة بناء عليه إذا زالت ملكية البائع عن ملكه بلا عوض مطلقاً، كالهبة بغير شرط العوض، والوقف، والوصية والميراث؛ لأن الشفعة حق تملك جبري، يملك به المبيع جبراً عن المشتري بمثل ما ملك (أي بالثمن والتكاليف التي دفعها). وهذه التصرفات تؤدي إلى نقل الملكية بغير عوض أي بالمجان، فلا يتأتى تحقق شرط الشارع في تملك الشفعة وهو البيع بمعاوضة وما في معناه.
لكن الفقهاء اختلفوا في التملك بعوض غير مالي، كالمهر، وبدل الخلع، أو أجر طبيب أو محام مثلاً، أو أجرة دار، أو عوض في الصلح عن دم عمد.
فقال الحنفية والحنابلة (2): يشترط أن يكون عقد المعاوضة مال بمال، فلا شفعة إذا كان العوض غيرمال، كما في هذه الأحوال، لأن الشيء في المعاوضة غير المالية يشبه الموهوب والموروث، ولأن هذه الأعواض لا مثل لها، حتى يأخذ الشفيع الشيء بمثلها، فلا يمكن مراعاة شرط الشرع فيه، وهو التملك بما تملك به المشتري، فلم يكن مشروعاً. وأوضح الحنابلة أنه لا تجب الشفعة بفسخ يرجع به المبيع إلى البائع، كرده بعيب أو إقالة. وقال الحنفية: إذا اقتسم الشركاء العقار المشترك بينهم فلا شفعة لجارهم بالقسمة، لأنها ليست بمعاوضة مطلقاً، ولأن
(1) البدائع: 11/ 5، تبيين الحقائق: 239/ 5، 252، الهداية مع التكملة: 436/ 7 - 438، الدر المختار: 157/ 5، 165، الكتاب مع اللباب: 110/ 2، بداية المجتهد: 255/ 2 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 287، الشرح الصغير: 633/ 3 وما بعدها، مغني المحتاج: 298/ 2، المهذب: 376/ 1 وما بعدها، المغني: 291/ 5، كشاف القناع: 152/ 4.
(2)
تبيين الحقائق: 229/ 5، 252 - 253، المغني: 292/ 5.