الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوسع بكثير من القدر الذي تسمح به الشيوعية، ولكنه لا يعطي المالك السلطان المطلق فيما يملك بغير أي قيد عليه كما تفعل الرأسمالية، فهو لا يسمح بالربا والاحتكار، ولا أن تكون الملكية سبيلاً للاستغلال الحرام والطغيان، وبذلك يجمع الإسلام بين مزايا كل من الاشتراكية والرأسمالية ويتجنب أوجه
الانحراف والمبالغة في كل منهما (1).
ولا يمكن القول بأن نظام الإسلام الاقتصادي نظام رأسمالي أو اشتراكي؛ لأن للرأسمالية أو الاشتراكية في الوقت الحاضر معنى محدداً مفهوماً، له خصائص معينة في معالجة الحياة الاقتصادية.
وإنما الإسلام نظام قائم بنفسه لا ينسب إلى مذهب جديد أو قديم، مهمته الربط بين قوى الحياة ومواهب الفطرة في كيان المرء وبين ثمار الطبيعة الظاهرة والباطنة؛ فيحدث التفاعل بين الجانبين، وتتكون الحضارة الصالحة بما في الإنسان من مواهب العقل والروح وما في الكون من أسرار الحقائق وكنوز المال والثروة، وبما في الإسلام من حلول جذرية لمشكلات الحياة، وقواعد للفرد والمجتمع في الحقوق والواجبات. وإذا كان في الاشتراكية بعض المعاني الإنسانية التي جاء بها الإسلام من ضرورة التكافل الاجتماعي، فلا يعني ذلك أن نظام الإسلام هو النظام الاشتراكي الماركسي.
المال والملكية في تقدير الإسلام:
المال عند الحنفية كما عرفنا: هو ما يميل إليه الإنسان طبعاً، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة. وعند الجمهور: هو كل ما له قيمة يباع بها ويلزم متلفه وإن قلّت،
(1) الفكر الإسلامي الحديث للدكتور محمد البهي: ص 387، شبهات حول الإسلام للأستاذ محمد قطب: ص 27، نظرية الإسلام السياسية للمودودي: ص 57.
وما لا يطرحه الناس مثل الفَلس وما أشبه ذلك. وهذا التعريف مأخوذ عن الإمام الشافعي رضي الله عنه (1).
وبناء على التعريف الأول لا تكون المنافع والحقوق المجردة مالاً ما عدا منفعة العين المؤجرة، وعلى التعريف الثاني تكون المنافع أموالاً متقومة في ذاتها يمكن أن تورث.
والملك: هو اختصاص حاجز شرعاً يسوغ صاحبه التصرف إلا لمانع (2).
والمال في الحقيقة لله سبحانه: {لله ملك السموات والأرض وما فيهن} [المائدة:120/ 5](3).
وتملك الإنسان للمال مجاز، أي أنه مؤتمن على المال ومستخلف عليه:{وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} [الحديد:7/ 57].
قال عروة رضي الله عنه: «أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى: أن الأرض أرض الله، والعباد عباد الله، ومن أحيا مواتاً فهوأحق به» . ويترتب عليه أن الإنسان ملزم بالتقيد بأوامر الله سبحانه في التملك بحسب ما يريد صاحب الملك. والناس على السواء، لهم حق في تملك خيرات الأرض. والملكية الفردية حق ممنوح من الله تعالى، والمال ليس غاية مقصودة لذاتها، وإنما هو وسيلة للانتفاع بالمنافع وتأمين الحاجيات (4).
(1) الأشباه والنظائر للسيوطي: ص 258.
(2)
المدخل الفقهي للأستاذ مصطفى الزرقاء، المجلد الأول: جـ 1 ص 220، والمراد من كلمة «حاجز» أنه الذي يخول صاحبه منع غيره، وهو قريب المعنى من المفهوم اللغوي للملكية الذي يدل على معنى الاستئثار والاستبداد مما يتعلق به من الأشياء. والمراد من جملة «يسوغ صاحبه التصرف» أن الملك قدرة مبتدأة لا مستمدة من شخص آخر.
(3)
المائدة: 120.
(4)
انظر اشتراكية الإسلام للمرحوم الدكتور مصطفى السباعي: ص77 ومابعدها، التكافل الاجتماعي في الإسلام لأستاذنا الشيخ محمد أبو زهرة: ص14 ومابعدها.