الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبناء عليه يعتبر الاستخدام والتحميل غصباً؛ لأنه تصرف بالمال، ولا يعتبر الجلوس على البساط مثلاً غصباً؛ لأن البسط فعل المالك، والجلوس استعمال لم يزل يد المالك عنه.
ولا بد من زيادة قيدين آخرين على التعريف: وهما أولاً: «على سبيل المجاهرة» لإخراج السرقة التي تكون على سبيل الخفية. وثانياً: «أو يقصر يده إن لم يكن في يده» فيصبح التعريف: «أخذ مال متقوم محترم على سبيل المجاهرة بغير إذن المالك على وجه يزيل يد المالك إن كان في يده، أو يقصر يده إن لم يكن في يده» ليشمل الأخذ من المستأجر أو من المرتهن أو من الوديع؛ لأن الأخذ من هؤلاء، وإن لم يكن في يد المالك؛ إلا أنه يترتب عليه أن الغاصب قصر يد المالك عن ماله، أي أنه قيد يده في التصرف بماله، فلم يعد قادراً على التصرف.
2 - وعرف المالكية
(1) الغصب بأنه «أخذ مال قهراً تعدياً بلا حرابة» فكلمة: «أخذ المال» أي الاستيلاء عليه جنس يشمل الغصب وغيره كأخذ إنسان ماله من وديع أو مدين أو غيرهما. وكلمة «المال» يراد بها الذوات أي الأعيان المادية، فخرج بها «التعدي»: وهو الاستيلاء على المنافع كسكنى الدار وركوب الدابة مثلاً. و «قهراً» لإخراج السرقة ونحوها إذ لا قهر فيها حال الأخذ، وإن أعقبها القهر بعدها، كما أنها أيضاً لإخراج المأخوذ اختياراً كالمستعار والموهوب، و «تعدياً» خرج به المأخوذ قهراً بحق كالدين المأخوذ من مدين مماطل أو من غاصب، وأخذ الزكاة كرهاً من ممتنع عن أدائها، ونحوه، والمقصود بقوله «بلا حرابة» أي بدون مقاتلة، لإخراج المأخوذ بالحرابة؛ لأن حقيقتها غير حقيقة الغصب.
من هذا التعريف يتبين أن الغصب عند المالكية أخص، والتعدي أعم؛ لأن
(1) الشرح الكبير للدردير: 442/ 3، 459.
التعدي يكون في الأموال والفروج والنفوس والأبدان، والتعدي في النفوس والأبدان يدخل تحت باب الجنايات أو الدماء والقصاص. فالغصب: هو أخذ ذات الشيء، والتعدي: أخذ المنفعة (1).
والتعدي في الأموال أربعة أنواع (2):
الأول ـ أخذ الرقبة أي ذات الشيء وهو الغصب.
والثاني ـ أخذ المنفعة، دون الرقبة، وهو نوع من الغصب، يجب فيه الكراء مطلقاً.
والثالث ـ الاستهلاك بإتلاف الشيء كقتل الحيوان، أو تحريق الثوب كله أو تخريقه، وقطع الشجر، وكسر الزجاج، وإتلاف الطعام والدنانير والدراهم، وشبه ذلك.
والرابع ـ التسبب في التلف، من فتح حانوتاً لرجل، وتركه مفتوحاً، فسرق، أو فتح قفص طائر فطار، أو حل رباط دابة فهربت، أو أوقد ناراً في يوم ريح، فأحرقت شيئاً، أو حفر بئر تعدياً، فسقط فيه إنسان أو بهيمة، أو مزق وثيقة، فضاع ما فيها من الحقوق.
فمن فعل شيئاً مما ذكر فهو ضامن لما استهلكه، أو أتلفه، أو تسبب في إتلافه، سواء تم الفعل عمداً أو خطأ.
(1) وهناك فروق أخرى بينهما منها أن الفساد اليسير من الغاصب يوجب للمالك أخذ قيمة المغصوب إن شاء، والفساد اليسير من المتعدي لا يوجب إلا أخذ أرش النقص الحاصل به. ومنها: أن المتعدي لا يضمن الآفة السماوية، والغاصب يضمنها. ومنها أن المتعدي يضمن غلة ما عطل كدار أغلقها وأرض بورها، ودابة حبسها بخلاف الغاصب إنما يضمن غلة ما استعمل (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: 459/ 3 وما بعدها).
(2)
القوانين الفقهية: ص 331 وما بعدها.