الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكان تسليم المرهون:
قال الحنفية (1): إما أن يكون للرهن حمل ومؤنة أو لا.
أـ فإن كان للرهن حمل ومؤنة، وطالب المرتهن بإيفاء دينه في غير البلد الذي تم فيه العقد، فإنه يؤدى دينه، ولا يكلف إحضار المرهون؛ لأنه يتطلب نفقة، وإنما يجب عليه فقط تسليم المرهون بمعنى التخلية بينه وبين الراهن، لا النقل من مكان إلى آخر؛ لأنه يتضرر به، ولم يلتزمه في العقد.
ب ـ وإن لم يكن للرهن حمل ومؤنة، يؤمر المرتهن بإحضار الرهن؛ لأن الأماكن كلها في حق تسليم ما لا حمل له ولا مؤنة، كمكان واحد، وعليه لا يشترط بيان مكان الإيفاء في الرهن وهذا مثل عقد السلم.
ويلاحظ من هذا التفصيل أن المرتهن يكلف بإحضار الرهن إذا كانت المطالبة بالدين في بلد العقد، سواء أكان الرهن محتاجاً لحمل ومؤنة أم لا.
لكن عقب ابن عابدين على هذا بأن فيه نظراً؛ لأن الواجب على المرتهن التخلية، لا النقل، وهذا المتبادر من كلام المؤلفين يخالف ما في البزازية حيث قال: إن لم يلحقه مؤنة في الإحضار يؤمر به، وإن كان مما يلحقه مؤنة، بأن كان في موضع آخر، لا يؤمر به.
أحكام الرهن الفاسد:
عرفنا مما سبق أن أهم أحكام الرهن الصحيح: هو اختصاص المرتهن بالرهن، دون سائر الغرماء، وحق حبسه وضمانه عند الحنفية.
(1) تكملة الفتح: 198/ 8، الدر المختار ورد المحتار: 343/ 5 ومابعدها.
واتفق أئمة المذاهب على أن الرهن غير الصحيح باطلاً أو فاسداً لا حكم له حال وجود المرهون، فلا يثبت للمرتهن حق الحبس، وللراهن أن يسترد المرهون منه، فإن منعه حتى هلك صار غاصباً، فيضمن مثله إن كان له مثل، وقيمته إن لم يكن له مثل، كضمان المغصوب.
وإن هلك المرهون المقبوض بيد المرتهن بناء على عقد غير صحيح، مثل: رهن المشاع عند الحنفية، فإنه يهلك عندهم (1) هلاك الرهن، أي بالأقل من قيمته ومن الدين، وهو الرأي الأصح. وقال الكرخي: إنه يهلك هلاك الأمانة؛ لأن الرهن إذا لم يصح، كان القبض قبض أمانة؛ لأنه قبض بإذن المالك، فأشبه قبض الوديعة.
ومن مات وله غرماء، فالمرتهن في الرهن الفاسد أحق به، كما في الرهن الصحيح.
والمالكية في الجملة كالحنفية، قالوا (2): إذا قبض المرتهن المرهون بناء على عقد فاسد، فالمرتهن أحق بالرهن من سائر الغرماء، حتى يقبض حقه.
وإذا هلك المرهون في يد المرتهن بعقد فاسد، فحكم هلاكه مثل حكم هلاك المرهون فيما إذا كان العقد صحيحاً.
أما حق الاحتباس، فيظهر أنه ثابت للمرتهن بناء على ثبوت حق امتيازه، لكن ليس له بناء على عقد فاسد طلب المرهون وتسلمه من الراهن.
وقال الشافعية والحنابلة (3): حكم فاسد العقود حكم صحيحها في الضمان
(1) البدائع: 163/ 6، الدر المختار: 365/ 5، 374.
(2)
الشرح الكبير والدسوقي: 237/ 3، 241، 247.
(3)
مغني المحتاج: 137/ 2، كشاف القناع: 329/ 3، المغني: 381/ 4، 385.