الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الرأي بجواز الرهن على الرهن يتفق مع القانون المدني. وإذا كان الرهن الثاني لأجنبي، فهل يشترط رضا المرتهن الأول؟ عند المالكية أقوالاً ثلاثة: قيل: لا يشترط رضاه، وقيل: لا بد من رضاه، وقيل: لا يجوز وإن رضي. وإذا كانت العين بيد عدل، ففيه القولان: الأول والثاني.
وإذا كان الرهن الثاني لأجنبي، وكان الدينان بأجل واحد فلا إشكال. فإن اختلف الأجلان، وحل أجل الدين الثاني أولاً، قسم الرهن بين الدينين إن أمكنت قسمته بلا ضرر، كنقص قيمته، ويدفع للمرتهن الأول قدر ما يفي بدينه، والباقي للثاني.
وإن لم تمكن قسمته، بيع المرهون، وقضي الدينان، على أن يكون للدين الأول الأسبقية في الوفاء، والباقي للثاني.
وهذا كله إن كان في الرهن فضل يفي بالثاني، وإن لم يوجد، لا يباع الرهن إلا بعد أن يحل الدين الأول.
أما إن حل أجل الدين الأول أولاً، فإن الرهن يباع، ويقضى الدينان من ثمنه على الوضع السابق، إن لم تمكن قسمته بين الدينين من غير ضرر.
ولا يضمن المرتهن الأول الجزء الفاضل للثاني إن هلك الرهن بيده، وكان مما يغاب عليه (يمكن إخفاؤه كالثياب والحلي) إلا بالتعدي؛ لأنه أمين في الجزء الفاضل.
8 - رهن الوارث جزءاً من التركة المديونة:
قد يكون هناك حق لغير الراهن في المرهون يمنع الرهن كرهن المرهون ورهن التركة المدينة، كما أن رهن ملك الغير يكون موقوفاً على إجازة المالك.
فإذا رهن الوارث بعض أعيان التركة التي يتعلق بها دين على الميت، فقال الحنفية: يكون الرهن موقوفاً على تخليص أو تطهير التركة من الدين، لكي تخلص العين المرهونة لمرتهنها، ولأن الدين يمنع تملك الورثة للتركة، على خلاف بين الحنفية في الدين الذي لا يحيط بها.
وكذلك قال المالكية: إن رهن الوارث في هذه الحال صحيح، ولكن نفاذه موقوف على سداد الدين، فإذا لم يسدد، نقض هذا التصرف؛ لأن الدين يمنع من تملك الورثة عندهم.
وقال الحنابلة (1) في أصح الوجهين عندهم: لو رهن الوارث تركةا لميت، أو باعها، وعلى الميت دين، ولو من زكاة، صح الرهن والبيع، لانتقال التركة إليه بموت مورثه، فتصرفه صادف ملكه، ولم يرتب عليه من قبله أوباختياره حقاً لغيره، فلم يكن مثل رهن المر هون الذي رهنه من قبل والذي تعلق به حق الغير باختياره، وإنما في التركة لم يتعلق دين المتوفى بالمال باختيار الوارث، بل بحكم الشرع. وهكذا الحكم في كل حق ثبت وتعلق بالمال من غير إثباته وفعله كالزكاة والجناية، فلا يمنع ذلك من رهن ما تعلق به الحق.
فيصح الرهن، وتكون أعيان التركة محملة بالدين. فإن تم الرهن، ثم وفى الوارث الحق الذي تعلق بالتركة: وهو الدين الذي على المتوفى، من مال آخر، فالرهن على حاله، وإن لم يقض الحق، فلغرماء التركة انتزاع ما رهن منها؛ لأن حقهم أسبق.
وهذا مثل ما لو تصرف الوارث في التركة، ثم رد عليه مبيع باعه المورث بعيب ظهر فيه، أو تعلق بالتركة حق بعد وفاة المورث بسبب سابق، كأن وقعت
(1) المغني: 350/ 4، كشاف القناع: 316/ 3 ومابعدها.