الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجاز المالكية (1) لا للسلطان الأخذ بالشفعة لبيت المال، كما إذا مات أحد الشريكين، ولا وارث له، فأخذ السلطان نصيبه لبيت المال، ثم باع الشريك الآخر حصته، فللسلطان الأخذ بالشفعة لبيت المال. وكما لو مات إنسان عن بنت مثلاً، فأخذت النصف، ثم باعته، كان للسلطان الأخذ من المشتري لبيت المال.
ب ـ ويتفرع على الخلاف السابق بين الفقهاء في شرط استمرار ملك المشفوع به: إرث حق الشفعة.
قال الحنفية: لا يثبت للوارث حق الأخذ بالشفعة إذا مات الشفيع بعد طلب الشفعة قبل القضاء، فليس للوارث الشفعة في عقار بيع في حياة مورثه؛ لأن الوارث لم يكن مالكاً ما ورثه وقت العقد.
وقال الجمهور: يثبت حق الشفعة للوارث، إذا طالب به الشفيع المورث بعد البيع قبل موته، بخلاف ما إذا مات قبل الطلب؛ لأن الوارث خليفة المورث، فله كل حقوق مورثه، ومنها حق الشفعة، دفعاً لضرر الدخيل عن نفسه.
ومنشأ الخلاف في هذه المسألة كالخلاف في إرث خيار الشرط: هو هل تورث الحقوق كما تورث الأموال؟ عند أبي حنيفة: لا تورث، وعند الجمهور: تورث (2).
الشرط الخامس ـ عدم رضا الشفيع بالبيع وحكمه:
اتفق الفقهاء على اشتراط ألا يصدر من الشفيع ما يدل على رضاه ببيع العقار المشفوع فيه، فإن رضي بالبيع أو بحكمه قولاً، أو فعلاً بأن باع الشفيع المشفوع به
(1) الشرح الصغير: 632/ 3، الشرح الكبير: 474/ 3.
(2)
المبسوط: 116/ 14.
أو سكت مدة طويلة من غير عذر، سقط حقه في طلب الشفعة؛ لأن الشفيع بالخيار بين الأخذ والترك؛ لأن الشفعة حق ثبت له لدفع الضرر عنه، فيخير بين أخذه وتركه.
وقدر المالكية مدة السكوت فقالوا: ألا يظهر من الشفيع ما يدل على إسقاط الشفعة من قول أو فعل أو سكوت مدة سنة كاملة بعد العقد فأكثر بلا مانع، مع علمه وحضوره.
لكن يشترط لسقوط هذا الحق: ألا يكون هناك تدليس أو خديعة للشفيع لإسقاط الشفعة، من
طريق المشتري، أو الثمن، أو قدر المبيع نفسه (1).
فإذا أخبر أن المشتري فلان، وكان المشتري بالفعل غيره؛ أو أن الثمن كذا، وكان الثمن بالفعل أقل أو من جنس أو نوع أو وصف آخر، أو أن المبيع جزء معين، وكان المبيع بالفعل جزءاً وأكثر أو كل المبيع، فسلم الشفعة أي أعرض عنها، ثم تبين الحقيقة والوافع، بقي حقه، وكان له الشفعة؛ لأنه إنما تركها لغرض بان خلافه ولم يتركه رغبة عنه.
لكن لو كان الأمر على عكس بعض هذه الحالات الثلاث السابقة، كأن أخبر بأن الثمن ألف، فبان أكثر من ألف، أو أن المبيع كله، فبان بعضه، أو أن الثمن مؤجل، فبان حالاً نقداً، سقط حقه في الشفعة، لأنه إذا لم يرغب فيه بالأقل، أو بالمؤجل، فبالأكثر، أو المعجل أولى. ومن رغب عن شراء الكل، رغب عن شراء البعض بالأولى، خوف ضرر الشركة. والحالة الأخيرة هي الرواية المشهورة (ظاهر
(1) البدائع: 15/ 5، 19 - 20، المبسوط: 105/ 14، 111، الدر المختار ورد المحتار: 173/ 5، اللباب: 118/ 2، الشرح الصغير: 643/ 3 وما بعدها، نهاية المحتاج: 159/ 4، المهذب: 379/ 1، مغني المحتاج: 308/ 2، المغني: 302/ 5، القوانين الفقهية: ص 286.