الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقر به المدعى عليه، ثم يصالح المدعى عنه على عين غير المدعاة كدار، أو على منفعة لغير العين المدعاة، كخدمة في مكان مدة معينة أو سكنى دار أو على بعض العين المدعاة كربع الدار، وهو جائز باتفاق المسلمين (1).
وهذا الصلح إن وقع عن مال بمال، أي إن وقع على عين غير المدعاة كثوب بدلاً عن بساط، فهو كالبيع لوجود معنى البيع فيه ـ وهو مبادلة المال بالمال ـ في حق المتعاقدين بتراضيهما. فتجري فيه الشفعة إذا كان عقاراً، ويرد بالعيب، ويثبت فيه خيار الشرط، ويفسده جهالة العوض أو البدل، لأنها هي المفضية إلى المنازعة دون جهالة المصالح عنه؛ لأنه يسقط بالصلح. ويشترط القدرة على تسليم البدل.
وإن وقع هذا الصلح عن مال بمنافع كسكنى دار، فله حكم الإجارة لوجود معنى الإجارة، وهو تمليك المنافع بمال. والاعتبار في العقود لمعانيها، فيشترط التوقيت فيها، ويبطل العقد بموت أحد العاقدين في أثناء مدة الإجارة لأنه إجارة.
2 - صلح مع إنكار المدعى عليه:
وهو أن يكون للمدعي حق لا يعلمه المدعى عليه، كأن يدعي شخص على آخر شيئاً، فينكره المدعى عليه، ثم يصالح عنه ببعض الحق المدعى به، وهذا هو الغالب في منازعات الناس، وهو جائز عند المالكية والحنفية والحنابلة، وغير جائز عند الشافعية وابن أبي ليلى (2). وجوازه عند القائلين به مشروط بأن يكون المدعي معتقداً أن ما ادعاه حق، والمدعى عليه يعتقد أنه لا حق عليه، فيدفع إلى المدعي شيئاً قطعاً للخصومة (3).
(1) المبسوط: 139/ 20، البدائع: 40/ 6، تكملة فتح القدير: 24/ 7، تبيين الحقائق: 30/ 5، بداية المجتهد: 290/ 2، الشرح الكبير: 309/ 3، مغني المحتاج: 177/ 2، المهذب: 333/ 1، المغني: 482/ 4، غاية المنتهى: 118/ 2، الكتاب مع اللباب: 163/ 2، القوانين الفقهية: ص 238.
(2)
المراجع السابقة، مغني المحتاج: ص 179 ومابعدها، المغني: ص 476.
(3)
المغني: 478/ 4، غاية المنتهى: 120/ 2.
وصورة الصلح على الإنكار: صالح فلان فلاناً على جميع الدار الفلانية التي ادعى المصالح الأول على الثاني استحقاقها من وجه شرعي، وأنكر المدعى عليه الاستحقاق، وطلب من المدعى عليه يمينه على استحقاقها، فرأى أن يصالحه عن هذه الدعوى بمال، افتداء ليمينه، ودفعاً للخصومة، وقطعاً للمنازعة، فاصطلحا عن المدعى به، مع الإنكار لصحة الدعوى، واعتقاده بطلانها،
وإصراره على الإنكار إلى حين هذا الصلح وبعده، ودفع إليه مبلغ كذا وكذا، فقبضه منه قبضاً شرعياً
…
إلخ (1).
استدل الفريق الأول وهم الجمهور بعموم قوله تعالى: {والصلح خير} [النساء:128/ 4] وقوله عليه الصلاة والسلام: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً» فدل هذا العموم على أن كل صلح مشروع إلا ما خص بدليل، قال سيدنا عمر رضي الله عنه:«ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن» وقال أبو حنيفة رحمه الله: «أجوز مايكون الصلح على الإنكار» أي لأنه يحقق الحاجة إلى قطع الخصومة والمنازعة.
ودليل الشافعية وابن أبي ليلى: هو القياس على ما لو أنكر الزوج الخلع، ثم تصالح مع زوجته على شيء، فلا يصح، ودليلهم أيضاً أن المدعي إن كان كاذباً في دعواه، فقد استحل من المدعى عليه ماله، وهو حرام عليه. وإن كان صادقاً في دعواه فقد عاوض على ما لم يثبت له، فلم تصح المعاوضة، كما لو باع مال غيره، ولأن الصلح عقد معاوضة خلا عن العوض في أحد جانبيه، فبطل، كالصلح على حد القذف. وفي الملة: يكون ما يأخذه المدعي أكلاً للمال بالباطل من غير عوض فدخل هذا الصلح في قوله صلى الله عليه وسلم: «إلا صلحاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً» ولو بذل المدعى عليه المال لقطع الخصومة يكون البذل رشوة.
(1) الإفصاح: 174/ 1.