الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه، ويقسم بين غرماء المحيل، ولا يدخل المحال في تلك المقاسمة؛ لأن الحوالة لم تتعلق بالدين، ولأن حق المحال ثبت عند المحال عليه فقط.
حوالة الحق:
هي نقل الحق من دائن إلى دائن، أو بتعبير آخر: حلول دائن محل دائن بالنسبة إلى المدين. فإذا تبدل دائن بدائن في حق مالي متعلق بالذمة، لا بعين، كانت الحوالة حوالة حق. والدائن فيها هو المحيل، إذ هو يحيل غيره ليستوفي حقه.
وهي تقابل
حوالة الدين:
وهي تبدل المدين بالنسبة إلى الدائن أي تبديل مدين بمدين، والمحيل فيها: هو المدين، إذ هو إنما يحيل على غيره لوفاء دينه. وهي مشروعة باتفاق العلماء كما تقدم.
وحوالة الحق جائزة أيضاً باتفاق المذاهب الأربعة، وليس فقط عند غير الحنفية، كما فهم بعض أساتذة الشريعة، والقانون؛ لأن الحوالة المقيدة المشروعة عند الحنفية تتضمن حوالة حق، إذ يكون الإنسان فيها مديناً لشخص ودائناً لآخر، فيحيل دائنه على مدينه، ليقبض الدائن المحال دين المحيل من مدينه المحال عليه، فهي حوالة حق وحوالة دين في وقت واحد.
وقد عرفنا أن غير الحنفية لا يجيزون إلا الحوالة المقيدة، فهي الحوالة إطلاقاً، ويشترط في المقيدة عندهم تساوي الدين المحال به والدين المحال عليه في الصفة والمقدار، فإن تساويا جنساً وقدراً صحت الحوالة، وإن اختلفا في شيء مما ذكر لم تصح الحوالة.
أما الحوالة المطلقة فهي حوالة دين فقط، إذ يحيل بها المدين دائنه على آخر، فيتبدل فيها المدين، ويبقى الدائن هو نفسه.
ومن صور حوالة الحق ضمن الحوالة المقيدة: أن يحيل البائع دائنه على المشتري بالثمن. ويحيل المرتهن على الراهن بالدين، وتحيل الزوجة على زوجها بالمهر. ويحيل صاحب الحق في ريع الوقف دائنه على ناظر الوقف في حقه من الغلة بعد حصولها في يد الناظر. ويحيل الغانم حقه في الغنيمة المحرزة على الإمام. ففي كل هذه الأمثلة حل دائن جديد ـ وهو المحال ـ محل الدائن الأصلي وهو البائع، أو المرتهن أو الزوجة، أو مستحق غلة الوقف، أو الغانم.
ومنشأ اللبس في فهم مذهب الحنفية حول حوالة الحق راجع إلى أن الحنفية لا يرون الحوالة نوعاً من البيع تجري فيها كل أحكامه، بل هي عندهم عقد مستقل شرع لغاية معينة يحتاج إليه التعامل، وليس فرعاً من غيره، ولكن فيه تشابه مع عقود وتصرفات أخرى في بعض النواحي، فالحوالة تشبه البيع (بيع الدين أو الحق) وليست ببيع، وتشبه الكفالة وليست بكفالة، وتشبه قبض الدين وليست قبضاً، وتشبه الوكالة بالقبض أو بالأداء وليست بوكالة، وتشبه ما يسمى بلغة العصر اليوم فتح الاعتماد، وليست به، وفيها بعض سمات التبرع، وبعض سمات المعاوضة إلخ .. وقد أخذت الحوالة أحكاماً متنوعة تتناسب مع تلك المشابهات العديدة فيها.
وإذا كان الحنفية لا يجيزون تمليك أو بيع الدين لغير من عليه الدين، فلا يعني أنهم ينكرون حوالة الحق، إذ أن تبدل دائن بدائن، لا يفيد عندهم تمليك الدين لغير من هو عليه؛ لأن مقتضى الحوالة هو نقل الدين أو نقل المطالبة به إلى المحل الجديد، نقلاً مؤقتاً بعدم التوى (أي موت المحال عليه أو إفلاسه أو جحوده الحوالة) لا تمليكه، وإنما يملك المحال ما يقبضه وفاءً به بعد تنفيذ الحوالة بالقبض، وبذلك تكون الحوالة عندهم غير البيع.