الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد حلول الدين، لأنه تصرف لا يمس حق المرتهن في بيع الرهن عند حلول الدين، وعدم الوفاء.
4 -
والحنابلة (1) كالشافعية قالوا: إذا تصرف الراهن بالرهن تصرفاً بغير إذن المرتهن، بطل التصرف؛ لأنه يؤدي إلى إبطال حق المرتهن بالوثيقة، سواء أكان التصرف بيعاً أم إجارة أم هبة أم وقفاً، أم رهناً وغيره. وإذا أذن المرتهن بهذا التصرف، صح، وبطل الرهن، إلا في الإجارة فيستمر الرهن في الأصح. كما أن الرهن يبقى بحاله مستمراً إذا كان التصرف إعارة أذن بها المرتهن.
والخلاصة: إن تصرف الراهن بالرهن بغير إذن المرتهن موقوف عند الحنفية، باطل عند الأئمة الآخرين.
ثانياً ـ تصرف المرتهن بالرهن:
تبين مما سبق أن حق الراهن قائم في عين الرهن، فهو ملكه، وحق المرتهن ثابت في ماليته، فله حبسه لوفاء الدين.
وبناء عليه، لا يجوز للمرتهن أن يتصرف في الرهن بغير إذن الراهن، كما في تصرف الراهن، لأنه تصرف فيما لا يملك، ويكون تصرفه موقوفاً عند الحنفية والمالكية كتصرف الفضولي، وباطلاً عند الشافعية والحنابلة، وتفصيل المذاهب فيما يأتي:
1 -
قال الحنفية (2): ليس للمرتهن أن يتصرف بغير إذن الراهن؛ لأنه تصرف فيما لا يملك، إذ
لا حق له إلا في حبس المرهون، فإن تصرف بغير إذنه بالبيع أو الهبة، أو الصدقة أو الإعارة ونحوها، كان تصرفه موقوفاً على إجازة الراهن، إن
(1) المغني: 363/ 4، كشاف القناع: 321/ 3 ومابعدها.
(2)
البدائع: 146/ 6، الدر المختار: 342/ 5 ومابعدها، ورد المحتار: 139/ 5.
أجازه نفذ، وإلا بطل. لكن إن أجره المرتهن بلا إذن، فالأجرة له، وإن كان بإذن فللمالك الراهن، وبطل الرهن (1).
وإن هلك المرهون عند المتصرف إليه، ففيه تفصيل:
أـ إن باعه المرتهن أو وهبه أو تصدق به أو أعاره فهلك عند المتصرف إليه، فللراهن الخيار: إما أن يضمن المرتهن لتعديه، ويستقر الضمان عليه، فلا يرجع على أحد، وبأدائه الضمان يتبين أنه تصرف في ملكه. وإما أن يضمن المتصرف إلىه ولا يرجع أحدهم على المرتهن؛ لأن كل واحد عامل لنفسه، فالمشتري أو الموهوب له أو المتصدق له قبض لنفسه، وفي ضمان نفسه، سواء أكان عالماً بأنه معتد، أم غير عالم، لأنه في الحالة الأخيرة أقدم على تصرف يتبعه ضمانه، كما لو كان ملكاً للمرتهن. وأما المستعير فقد قبض لنفسه لينتفع مجاناً.
ب ـ وإن أجره المرتهن أو أودعه، أو رهنه، ثم هلك، فللراهن الخيار: إما أن يضمن المرتهن، فلا يرجع على أحد، ويتبين أنه تصرف في ملك نفسه، أو يضمن المتصرف إليه، ولكن يرجع كل منهم على المرتهن؛ لأنه ليس عاملاً لنفسه، وإنما هو عامل للمؤجر أو المودع أو الراهن في حفظ العين لصالحه أي المؤجر ونحوه، وإذا كان كل منهم عاملاً للمرتهن فيرجعون بالضمان عليه.
وإذا كان الهلاك بتعدي المتصرف إليه، كان هو الضامن لتعديه، ويستقر الضمان عليه لو ضمن الراهن المرتهن.
ويلاحظ أنه إذا اختار الراهن تضمين المرتهن أو المتصرف إليه، لا يعود إلى
(1) الدر المختار ورد المحتار: 342/ 5، 372.
تضمين الآخر؛ لأن اختياره تضمين أحدهما بمثابة تمليك له، وإذا ملك شخصاً لم يكن له أن يملِّك غيره، ولأن اختياره تضمين أحدهما يعتبر منه إقراراً بأنه هو المعتدي على حقه دون الآخر، فلا يقبل منه بعدئذ تضمينه.
2 -
وقال المالكية (1) كالحنفية: لا يجوز تصرف المرتهن في الرهن بغير إذن الراهن؛ لأنه تصرف فيما لا يملك. فإن تصرف فيه بغير إذنه بيعاً أو هبة أو إجارة أوإعارة، كان موقوفاً على إجازة الراهن، كتصرف الفضولي عندهم.
وإن تصرف بإذن الراهن نفذ، وبطل رهنه إذا كان التصرف بيعاً أو هبة، أو إجارة لمدة تمتد إلى ما بعد حلول أجل الدين. أما إذا كانت مدتها تنتهي قبل حلول أجل الدين، فلا يبطل الرهن، ويسترده المرتهن بعد انتهاء مدتها. كما يبطل الرهن بإعارته لمدة تمتد إلى ما بعد حلول أجل الدين، ولم يشترط رد المرهون إلى المرتهن عند حلول الدين، أو لم يكن هناك عرف يقضي برده. فإن انتهت مدة الإعارة قبل حلول الأجل، أو اشترط الرد عند الحلول، أو وجد عرف يقضي برده، فلا يبطل الرهن حينئذ.
3 -
وقال الحنابلة والشافعية (2): ليس للمرتهن أن يتصرف في الرهن بغير إذن الراهن؛ لأنه ليس ملكاً له، فإن أقدم على التصرف كان تصرفه باطلاً، ولا يبطل الرهن. أما إن تصرف بإذن الراهن فتصرفه ينفذ، ويبطل الرهن إن كان تمليكاً. ولا يبطل الرهن إن كان إجارة أو إعارة، سواء أكان التصرف للراهن أم لغيره، وإنما يزول عند الحنابلة لزوم الرهن بالتصرف بالمرهون، وكأنه لم يلحقه
(1) الشرح الكبير والدسوقي: 242/ 3.
(2)
المغني: 331/ 4، مغني المحتاج: 131/ 2.