الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعرفه الحنابلة (1) بأنه: المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه.
وعرفه المالكية (2): بأنه شيء متموَّل يؤخذ من مالكه، توثقاً به، في دين لازم، أو صار إلى اللزوم، أي أنه تعاقد على أخذ شيء من الأموال عيناً كالعقار والحيوان والعروض (السلع)، أو منفعة، على أن تكون المنفعة معينة بزمن أو عمل، وعلى أن تحسب من الدَّين. ولا بد من أن يكون الدين لازماً كثمن مبيع، أو بدل قرض، أو قيمة متلف، أو صائراً إلى اللزوم، كأخذ رهن من صانع أو مستعير، خوفاً من ادعاء ضياع، فيكون الرهن في القيمة على ما يلزم.
وليس المراد من الأخذ عند المالكية: التسليم الفعلي؛ لأن التسليم بالفعل ليس شرطاً عندهم في انعقاد الرهن، ولا في صحته، ولا في لزومه، بل ينعقد ويصح ويلزم بالصيغة أي بمجرد الإيجاب والقبول، ثم يطلب المرتهن أخذه.
صفة الرهن العامة:
والرهن عقد من عقود التبرع؛ لأن ما أعطاه الراهن للمرتهن غير مقابل بشيء (3)، وهو من العقود العينية: وهي التي لا تعتبر تامة الالتزام إلا إذا حصل تسليم العين المعقود عليها، وهذه العقود خمسة: الهبة، والإعارة، والإيداع، والقرض، والرهن. والسبب في اشتراط القبض لتمامها: هو أنها تبرع، والقاعدة تقول:«لا يتم التبرع إلا بالقبض» فيعتبر العقد فيها عديم الأثر قبل القبض، والتنفيذ هو المولد لآثار العقد.
مشروعيته وحكمه:
الرهن مشروع بالقرآن والسنة والإجماع. أما القرآن:
(1) المغني: 326/ 4.
(2)
الشرح الصغير: 303/ 3 ومابعدها، 325.
(3)
رد المحتار: 340/ 5.
فقوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة} [البقرة:283/ 2].
والرهن باتفاق الفقهاء جائز في الحضر والسفر، خلافاً لمجاهد والظاهرية (1)، لإطلاق مشروعيته في السنة، وذكر السفر في الآية خرج مخرج الغالب، لكون الكاتب في الماضي غير متوافر في السفر غالباً، ولا يشترط أيضاً عدم وجود الكاتب، لثبوت جوازه في السنة مطلقاً. والآية أرادت إرشاد الناس إلى وثيقة ميسَّرة لهم عند فقدان كاتب يكتب لهم الدين.
وأما السنة: فروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً، ورهنه درعاً من حديد» (2) وعن أنس قال: «رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعاً عند يهودي بالمدينة، وأخذ منه شعيراً لأهله» (3).
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» (4).
وعن أبي هريرة أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَغْلَق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غُرْمة» (5) وغلق الرهن: استحقاق المرتهن إياه، لعجز الراهن عن فكاكه، أي لا ينفك ملك الرهن عن صاحبه، ولا يستحقه المرتهن، إذا
(1) المغني: 327/ 4، المهذب: 305/ 1، البدائع: 135/ 6، بداية المجتهد: 271/ 2، القوانين الفقهية: ص 323، الإفصاح: 238/ 1، كشاف القناع: 307/ 3 ومابعدها.
(2)
انظر هذا الحديث ومايليه في نصب الراية: 319/ 4 وما بعدها، نيل الأوطار: 233/ 5 ومابعدها.
(3)
رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه.
(4)
رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي (نيل الأوطار: 234/ 5).
(5)
رواه الشافعي والدارقطني، وقال: هذا إسناد حسن متصل.