الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا بد من البينة كما تقدم في حكم الدفاع. وفي البينة روايتان عند الحنابلة: في رواية: أنها أربعة شهداء، لما روي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن رجل دخل بيته، فإذا مع امرأته رجل، فقتلها وقتله، قال علي: إن جاء بأربعة شهداء، وإلا فليعط برمته أي تضمين ديته. ولما روى أبو هريرة:«أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله، أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله، حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم» (1).
وفي رواية أخرى: إنه يكفي شاهدان، لأنه البينة تشهد على وجوده على المرأة، وهذا يثبت بشاهدين، وإنما الذي يحتاج إلى أربعة هو الزنا، وهذا لا يحتاج إلى إثبات الزنا.
فإن لم تكن بينة فادعى الزوج علم ولي المرأة بالزنا، فالقول قول الولي بيمينه، عند الحنابلة.
الاطلاع على داخل البيوت:
لو اطلع إنسان بدون إذن على بيت إنسان من ثقب أو شق باب أو نحوه، فرماه صاحب البيت بحصاة أو طعنه بعود، فقلع عينه، فلا مسؤولية عليه جنائياً ولا مدنياً، أي لا قصاص ولا دية عند الشافعية والحنابلة (2)،لقوله صلى الله عليه وسلم:«لو أن رجلاً اطلع عليك بغير إذن، فخذفته (3) بحصاة، ففقأت عينه، ما كان عليك جناح» (4). وقوله عليه الصلاة والسلام: «من اطَّلع في بيت قوم بغير إذنهم، فقد
(1) أخرجه الطبراني من حديث عبادة بن الصامت (فتح الباري: 154/ 12).
(2)
مغني المحتاج: 197/ 4 ومابعدها، المهذب: 225/ 2، أعلام الموقعين: 336/ 2، المغني: 335/ 8.
(3)
الخذف: الرمي بالحصاة، والحذف: الرمي بالعصا، لا بالحصا.
(4)
متفق عليه بين البخاري ومسلم وأحمد عن أبي هريرة.
حل لهم أن يفقؤوا عينه» (1) وفي لفظ «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم، ففقؤوا عينه، فلا دية له ولا قصاص» (2).
هذا إذا رماه بشيء خفيف كحصاة. أما إذا رمى صاحب الدار الناظر بما يقتله عادة كحجر قاتل، أو حديدة ثقيلة، أو نشاب، فيلزم بالقصاص، أو الدية عند العفو عنه؛ لأن له ما يقلع به العين المبصرة التي حصل الأذى منها، دون مايتعدى إلى غيرها.
فإن لم يندفع الناظر بالشيء اليسير، جاز ـ كما في الصيال ـ رميه بأشد منه، حتى القتل، سواء أكان الناظر في الطريق، أم في ملك نفسه، أم في غيرهما. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من منع الاطلاع على البيوت فقال:«إنما جعل الاستئذان من أجل البصر» (3).
وقال الحنفية والمالكية (4): يسأل جنائياً صاحب الدار في هذه الحالة، فيجب عليه القصاص أو الدية، لقوله عليه الصلاة والسلام:«في العين نصف الدية» (5)، ولأن مجرد النظر بالعين لايبيح الجناية على الناظر، كما لو نظر من الباب المفتوح، وكما لو دخل منزله، ونظر فيه، أو نال من امرأته ما دون الجماع، لم يجز قلع عينه، فمجرد النظر أولى.
(1) رواه أحمد.
(2)
رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن سهل بن سعد.
(3)
رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن سهل بن سعد.
(4)
تبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه: 110/ 6، الفتاوى الهندية: 7/ 6، رد المحتار على الدر: 390/ 5، تكملة فتح القدير: 269/ 8، مجمع الضمانات: ص169، القوانين الفقهية: ص351، رحمة الأمة بهامش الميزان للشعراني: 159/ 2، ط البابي الحلبي.
(5)
أخرجه أبو داود في المراسيل والنسائي وابن خزيمة، وابن الجارود وابن حبان وأحمد (سبل السلام: 244/ 3).