الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخذ الشفيع المبيع منه، ونقده الثمن؛ لأنه هو الذي قبض الثمن، ولأن المبيع قد انتقل منه إلى الشفيع. وهذا هو الغالب.
وقد يكون على البائع، إذا كان الشفيع قد أخذ المبيع منه قبل تسليمه إلى المشتري؛ لأنه هو الذي قبض الثمن، وانتقل المبيع منه إلى الشفيع.
وقال الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة)(1): إذا أخذ الشفيع الشقص (الجزء المبيع المشترك فيه) فظهر مستحقاً أو معيباً، فيرجع بالثمن أو الأرش (التعويض) على المشتري، ويرجع المشتري على البائع؛ لأن الشفيع أخذ المبيع من المشتري على أنه ملكه، فيرجع بالعهدة عليه كما لو اشتراه منه.
6) ـ اختلاف الشفيع والمشتري في قدر الثمن:
إذا اختلف الشفيع والمشتري في قدر الثمن، فادعى المشتري ـ بطبيعة الحال ـ الأكثر، وادعى الشفيع الأقل، فمن الذي يصدق قوله؟
يرى جمهور الفقهاء (في المذاهب الأربعة وغيرها)(2): أن الشفيع والمشتري إذا اختلفا في قدر الثمن، فقال المشتري: اشتريته بمئة، وقال الشفيع: بل بخمسين، فالقول قول المشتري بيمينه؛ لأنه أعلم بما باشره من الشفيع، ولأن الشفيع مدع الأقل، والمشفوع عليه مدعى عليه، ينكر ذلك، والقول قول المنكر مع يمينه.
(1) الشرح الكبير: 493/ 3، المهذب: 383/ 1، المغني: 344/ 5 وما بعدها، كشاف القناع: 182/ 4.
(2)
البدائع: 30/ 5 - 32، تكملة الفتح: 424/ 7، اللباب مع الكتاب: 115/ 2، بداية المجتهد: 261/ 2، الشرح الصغير: 656/ 3، مغني المحتاج: 304/ 2، المغني: 328/ 5، 333.
إلا أن المالكية قيدوا الأخذ بقول المشتري بقيد، فقرروا أن القول قول المشتري إذا أتى بما يشبه تقدير المقدرين، أو ثمن المثل، وإلا أي إن أتى بما لا يشبه تقديرهم، بأن ادعى ما شأنه ألا يكون ثمناً، فالقول قول الشفيع إن أتى بما يشبه التقدير المعقول.
فإن لم يكن قول كل من المشتري والشفيع مشبهاً التقدير المعقول، حُلِّف كل منهما على مقتضى دعواه، ورد دعوى صاحبه، ورد الثمن إلى القيمة الوسط بين الناس وهي قيمة الحصة يوم البيع، كما لو نكلا معاً عن حلف اليمين.
وأضاف الحنفية (1) أن القول قول المشتري إذا اختلف مع الشفيع في جنس الثمن أو في صفته، مثال الأول: أن يقول المشتري: اشتريت بمئة دينار، وقال الشفيع: لا، بل بألف درهم، فالقول قول المشتري؛ لأن الشفيع يدعي عليه التملك بهذا الجنس، وهو ينكر، والقول قول المنكر مع يمينه، ولأن المشتري أعرف بجنس الثمن من الشفيع؛ لأن الشراء وجد منه، لا من الشفيع، فكان أعرف به من الشفيع، فيرجع في معرفة الجنس إليه.
ومثال الاختلاف في صفة الثمن: أن يقول المشتري: اشتريت بثمن معجل، وقال الشفيع: لا، بل اشتريته بثمن مؤجل، فالقول قول المشتري؛ لأن الحلول في الثمن أصل، والأجل عارض، والمشتري يتمسك بالأصل، فيكون القول قوله بيمينه، ولأن العاقد أعرف بصفة الثمن من غيره، ولأن الأجل يثبت بالشرط، والشفيع يدعي عليه شرط التأجيل، وهو ينكر، فكان القول قوله.
(1) البدائع: 30/ 5 - 32.