الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من يتولى قبض الرهن:
يتولى قبض الرهن المرتهن أو وكيله. ولا يصح أن يكون وكيله هو الراهن؛ لأن المقصود من القبض تأمين المرتهن، ولا يتم مع بقاء الرهن في يد الراهن.
ويجوز أن يتفق الراهن والمرتهن على أن يوضع الرهن عند شخص يختارانه، فيقبضه ويحفظه عنده، ويسمى ب
العدل
، لأن الراهن قد يكره وضعه عند المرتهن، والمرتهن قد يكره وضعه عنده، خوف الضمان إذا تلف، أو لسبب آخر (1).
العدل ـ تعيينه، عزله، ما له وما عليه أو أحكامه.
تعيين العدل:
العدل: هو الذي يثق الراهن والمرتهن بكون الرهن في يده (2)، لحفظه وحيازته. ويعتبر نائباً عن الراهن والمرتهن جميعاً. أما الراهن فلقيامه على حفظ المرهون باختيار الراهن وثقته به واطمئنانه إلى أمانته. وأما المرتهن فيعد العدل وكيلاً عنه في القبض، برضا المرتهن، بل إنه يعد احتباسه للرهن استيفاء للدين من وجه.
فللعدل أو الأمين صفتان: صفة الأمانة، باعتباره نائباً عن الراهن المالك، فهو وديعة في عين المرهون. وصفة الضمان، باعتباره نائباً عن المرتهن، فهو وديعة في مالية المرهون.
وبما أن العدل وكيل عن الراهن والمرتهن، فيشترط فيه ما يشترط في الوكيل (3)، فلا يكون صغيراً غير مميز، ولا محجوراً عليه لجنون أو عته عند جميع الفقهاء، كما لا يكون صبياً مميزاً ولا محجوراً عليه لسفه عند الجمهور غير الحنفية.
(1) الشرح الصغير: 321/ 3.
(2)
حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: 80/ 6.
(3)
البدائع: 150/ 6، المغني: 351/ 4، مغني المحتاج: 133/ 2.
ولا يصلح المدين المكفول عنه أن يكون عدلاً في رهن يقدمه كفيله؛ لأنه يكون عاملاً لنفسه، والشريك لا يصلح عدلاً في رهن يقدمه شريكه، ورب المال في المضاربة لايصلح أن يكون عدلاً في رهن يقدمه المضارب في دين للمضاربة؛ لأن يده كيد المضارب.
ولو اتفق عاقدا الرهن على أن يكون العدل هو الراهن: فإن كان الاتفاق قبل قبض المرتهن، لم يصح الرهن اتفاقاً لوجود شرط فاسد لحق العقد. وإن كان الاتفاق بعد قبض المرتهن الرهن، فهو جائز عند الشافعية (1)، إذ لا يشترط عندهم استدامة قبض الرهن لدى المرتهن، ولا يصح الرهن عند غير الشافعية.
ويحصل تعيين العدل باتفاق الراهن والمرتهن، سواء قبل أن يقبضه المرتهن، أو بعد قبض المرتهن، إذ قد تدعو الحاجة إليه، كأن يأبى الراهن أن يكون الرهن في يد الدائن؛ لأنه لا يثق به، أو لا يطمئن إلى حفظه، أو يخشى عليه منه، وهو في حاجة إليه.
وإذا قبض العدل الرهن، صح قبضه، ولزم الرهن به عند جمهور الفقهاء؛ لأنه قبض في عقد، فجاز فيه التوكيل، كسائر أنواع القبض، وكان العدل وكيلاً عن المرتهن في القبض، بالنسبة لمالية الرهن بصفة الضمان، وإن كان وكيلاً أيضاً عن الراهن بالنسبة لعين الرهن، بصفة الأمانة، ويد الضمان غير يد الأمانة.
وقال بعضهم كابن أبي ليلى وزفر وقتادة: لا يصح قبض العدل؛ لأن القبض من تمام العقد، فوجب أن يقوم به أحد العاقدين، وهو المرتهن، كالقبول والإيجاب (2).
(1) مغني المحتاج: 133/ 2 وما بعدها.
(2)
المغني: 351/ 4، مغني المحتاج: 133/ 2، المهذب: 310/ 1، تكملة الفتح: 220/ 8، تبيين الحقائق: 80/ 6، الد المختار: 357/ 5، الشرح الصغير: 321/ 3.