الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعبارة
الحنابلة
(1): إن دفع المالك للعامل على أن الأرض والشجر بينهما، فالمعاملة فاسدة وجهاً واحداً، لأنه شرط اشتراكهما في الأصل (الأرض والشجر) ففسد، كما لو دفع إليه الشجر أو النخل، ليكون الأصل والثمرة بينهما، أو شرط في المزارعة كون الأرض والزرع بينهما، وحينئذ يكون للعامل أجر المثل.
لكن إن ساقاه على شجر يغرسه، ويعمل فيه حتى يحمل، ويكون للعامل جزء من الثمرة معلوم، صح؛ لأنه ليس فيه أكثر من أن عمل العامل يكثر، ونصيبه يقل.
هذه أقوال الجمهور (المذاهب الثلاثة) المانعة من صحة المغارسة، حفاظاً على حقوق العاقدين، ولكثرة الجهالة الناجمة عن انتظار نمو الشجر، وللاشتراك في الأصل، كاشتراك الشريكين في رأس المال في شركة المضاربة، ولأن الغرس ليس من أعمال المساقاة، على النحو المشروع في السنة النبوية، كما لا تصح المساقاة على صغار الشجر إلى مدة لا يحمل فيها غالباً.
وقال
المالكية
(2): العمل لإنماء الشجر يتم إما بالإجارة: وهو أن يغرس العامل للمالك بأجرة معلومة، وإما بالجعالة: وهو أن يغرس له شجراً على أن يكون له نصيب فيما ينبت، وإما بالمغارسة.
و
تصح المغارسة (وهو أن يغرس العامل على أن يكون له نصيب من الشجر والثمر ومن الأرض) بخمسة شروط
، وهي:
1 -
أن يغرس العامل في الأرض أشجاراً ثابتة الأصول، دون الزرع والمقاثي والبقول.
(1) المغني: 380/ 5 وما بعدها.
(2)
القوانين الفقهية: ص 281.
2 -
أن تتفق أصناف الشجر، أو تتقارب، في مدة إطعامها (إثمارها) فإن اختلفت اختلافاً بيناً، لم يجز.
3 -
ألا يكون أجلها إلى سنين كثيرة، فإن حدد لها أجل إلى ما فوق الإطعام (إنتاج الثمرة)، لم يجز، وإن كان دون الإطعام، جاز، وإن كان إلى الإطعام، فقولان.
4 -
أن يكون للعامل حظه من الأرض والشجر، فإن كان له حظه من أحدهما خاصة، لم يجز، إلا إن جعل له مع الشجر مواضعها على الأرض، دون سائر الأرض.
5 -
ألا تكون المغارسة في أرض محبسة (موقوفة) لأن المغارسة كالبيع.
ويلاحظ أنه يمنع في المغارسة والمساقاة والمزارعة عند المالكية شيئان:
الأول ـ أن يشترط أحدهما لنفسه شيئاً دون الآخر، إلا اليسير.
الثاني ـ اشتراط السلف أو السلَم، كأن يقول له: أسلفت إليك في مئة دينار أن تغرس الغرس أو يأمره بقلعه.
والخلاصة: أن المغارسة تصح إذا كان للعامل جزء معين من الثمرة فقط، كالمساقاة، كما ذكر الحنابلة، وتصح المغارسة أيضاً إذا غرس العامل غرساً على أن تكون الأغراس والثمار بينهما كما أبان الحنفية، ويمكن تصحيح المغارسة على الاشتراك في الأرض والشجر معاً، بواسطة عقدي البيع والإجارة، كأن يبيع المالك نصف الأرض بنصف الغراس، ويستأجر المالك العامل مدة كثلاث سنين مثلاً، بشيء يسير ليعمل في نصيبه، كما ذكر الحنفية.
وصحح المالكية المغارسة بشروط، وأبطلها الشافعية لعدم الحاجة إليها.