الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالنسبة للاقتصاد العام، حيث يحافظ على الإنتاج، لو تركت الأرض في أيدي أهلها لطول خبرتهم بها، وتمرنهم على شؤون الزراعة، بخلاف العرب الذين لم يكونوا يألفون حياة الزراعة والاستقرار في المدينة.
يتلخص من هذه الأدلة: أنه قد حصل بدلالة الآية وإجماع السلف والسنة تخيير الإمام في قسمة الأرضين، أو تركها ملكاً لأهلها، ووضع الخراج عليها.
وأرجح اعتبار الفيء والغنيمة بمعنى واحد: وهو كل ما جاء من العدو، كما تقضي اللغة، فيخير الإمام بكل منهما على حدة بين القسمة وعدمها على وفق مقتضيات المصلحة العامة كما رأى عمر رضي الله عنه.
2 - الأرض التي جلا عنها أهلها خوفا ً:
هذا النوع الثاني من الأرضين هو المعروف لدى الفقهاء بالفيء: وهو المال الذي حصل من الحربيين بلا قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب، كالجزية والعشور التجارية (1).
وحكمها: أنها تنتقل ملكيتها إلى بيت المال بالاستيلاء عليها، وتصير أملاك دولة، وعبر عنها الفقهاء بأنها تصير وقفاً، أي ملكاً للأمة الإسلامية بمجرد الاستيلاء عليها، ويضع الإمام عليها خراجاً يؤخذ كأجرة ممن يعامل عليها من مسلم أو معاهد. وصيرورتها وقفاً لأنها ليست غنيمة، فكان حكمها حكم الفيء يكون للمسلمين كلهم. ولم يختلف في هذا فقهاؤنا بالنسبة للعقار، إلا أن
(1) بداية المجتهد: 389/ 1، المهذب: 247/ 2، نهاية المحتاج: 105/ 5، أحكام أهل الذمة لابن القيم: ص 106.
الشافعية والحنابلة في قول عندهم ذكروا أن وقفها يحتاج إلى صيغة من الإمام، لتصبح هذه الأرض وقفاً، والراجح خلافه (1).
أما المنقول في الفيء: فيوقف أيضاً عند الجمهور، ويصرف لمصالح المسلمين، أي الأمر فيه للإمام يفعل ما يراه مصلحة. ويخمس عند الشافعية المنقول كالغنيمة؛ لأن آية الفيء؛ {ما أفاء الله على رسوله .. } [الحشر:6/ 59] مطلقة، وآية الغنيمة: {واعلموا أنما غنمتم من شيء
…
} [الأنفال:41/ 8] مقيدة، فحمل المطلق على المقيد، جمعاً بينهما لاتحاد الحكم، فإن الحكم واحد، وهو رجوع المال من الحربيين للمسلمين، وإن اختلف السبب بالقتال وعدمه (2).
غير أن مذهب الجمهور في هذا أصح، ودليلهم ما روى أنس بن مالك عن عمر، قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكُراع (الخيول) والسلاح عُدَّة في سبيل الله (3).
فقوله: «كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة» يؤيد مذهب الجمهور في أنه لا يخمس الفيء، إذ من المعروف أن فدَك والعوالي (أموال بني النضير في المدينة)(4) كانت للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة، ولمن بعده من الأئمة، لقوله تعالى:{وما أفاء الله على رسوله منهم .. } [الحشر:6/ 59] {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله
(1) فتح القدير: 353/ 4، الخراج: ص 23، الشرح الكبير للدردير: 175/ 2، القوانين الفقهية: ص 66، الأحكام السلطانية للماوردي: ص 133، ولأبي يعلى: ص 132، مغني المحتاج: 99/ 3، الشرح الكبير للمقدسي: 542/ 10، كشاف القناع: 75/ 3، ط أنصار السنة، المحرر: 179/ 2.
(2)
زاد المعاد: 220/ 3، القوانين الفقهية: ص 148، ط تونس، مغني المحتاج: 93/ 3.
(3)
شرح مسلم: 70/ 12، قال النووي: كانت أموال بني النضير أي معظمها.
(4)
سيرة ابن هشام: 337/ 2.