الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو رهن داراً فخلى بينه وبينها، وعاقدا الرهن فيها، ثم خرج الراهن، صح الرهن عند الشافعية والحنابلة. وقال الحنفية: لا يصح حتى يخلي بينه وبينها بعد خروجه منها (1).
3 - رهن الدين:
أجاز المالكية دون غيرهم رهن الدين.
فقال الحنفية (2): لا يجوز رهن الدين؛ لأنه ليس مالاً لأن المال عندهم لا يكون إلا عيناً، ولا يتصور فيه القبض، والقبض لا يكون إلا للعين. فلو كان خالد دائناً لعمر بمئة دينار، وعمر دائن لخالد بمئة مد حنطة، لم يجز لعمر أن يجعل دينه من الحنطة رهناً عند خالد بدينه الذي يستحقه قبل عمر، فهذا رهن الدين عند المدين، حيث جعل الدين الذي للدائن رهناً في الدائن الذي عليه.
وكذلك قال الشافعية والحنابلة في الأصح عندهم (3): شرط المرهون كونه عيناً يصح بيعها، فلا يصح رهن دين ولو ممن هو عليه، أو من هو عنده؛ لأنه غير مقدور على تسليمه.
لكن امتناع رهن الدين عند الشافعية هو في حالة جعل الدين رهناً ابتداء، أما في حالة البقاء فلا مانع من الرهن كضمان المرهون عند الجناية عليه، فبدله في ذمة الجاني يكون رهناً بالدين على الأرجح؛ لأن الدين قد يصير رهناً ضرورة في البقاء، حتى امتنع على الراهن أن يبرئه منه بلا رضاء المرتهن.
(1) المغني: 333/ 4، 340، مغني المحتاج: 123/ 2.
(2)
البدائع: 135/ 6، تبيين الحقائق: 69/ 6.
(3)
مغني المحتاج: 122/ 2، كشاف القناع: 307/ 3، المغني: 347/ 4 ومابعدها، المهذب: 309/ 1.
لكن أقول: لا حاجة أن يعد ما في الذمة من ضمان رهناً بالدين، وإنما هو في الواقع دين تعلق به حق المرتهن، كتعلق حق الدائن بما يكون للمدين المتوفى من ديون عند الغير.
وأما المالكية (1): فقالوا: يجوز رهن كل ما يباع، ومنه الدين، لجواز بيعه عندهم، فيجوز رهنه من المدين ومن غيره. وقد ذكرت صورة رهنه من المدين. أما صورة رهنه من غير المدين: أن يكون لخالد دين عند عمر، ولعمر دين على أحمد، فيرهن عمر دينه الثابت له في ذمة أحمد لدى خالد بدينه الثابت له في ذمته (أي ذمة عمر). والطريقة: هي أن يدفع له وثيقة الدين الذي له على أحمد، حتى يوفيه دينه.
ويشترط لصحة هذه الصورة الأخيرة قبض الوثيقة، والإشهاد على حيازتها، أما في الصورة الأولى فيشترط لصحتها، سواء أكان الدينان من قرض أم مبايعة، أن يكون أجل الدين المرهون هو أجل الدين المرهون به، أو أبعد منه، بأن يحل الدينان في وقت واحد، أو يحل دين الرهن بعد حلول الدين المرهون به.
أما إذا كان أجل حلول الدين المرهون أقرب، أو كان الدين المرهون حالاً، فرهنه لا يصح؛ لأنه يؤدي إلى إقراض نظير إقراض، إن كان الدينان من قرض. وإلى اجتماع بيع وسلف إن كانا من بيع؛ لأن بقاء الدين المرهون بعد أجله عند المدين به يعد سلفاً في نظير سلف الدين المرهون به. وإذا كان الدينان من بيع، فبقاء الدين المرهون يعد سلفاً مصاحباً للبيع، وهو ممنوع عند المالكية.
(1) بداية المجتهد: 269/ 2، القوانين الفقهية: ص 323، الشرح الكبير مع الدسوقي 231/ 3، 237، الشرح الصغير: 310/ 3 ومابعدها.