الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
44 - بَابُ الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ
121 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
ــ
مَنْ لا ينطق عن الهوى: "هلاكُ أمتي على يدي أغُيلَمة من قريش" وهم يزيد الظالم، وسائر بني مروان. وقال أبو هريرة راوي هذا الحديث لمروان: لو شئتُ سقيتهم لك، هذا الَّذي يجب القطع به علي، لا الَّذي يقوله جَهَلَةُ المتصوفة من أنَّه أشار إلى الأسرار الإلهية التي لا سبيل إليها إلا بالرياضة. والعجبُ أن واحدًا منهم لا يقدر على رواية حديث واحد، ولا فهم ظاهر آية من كتاب الله، وإذا ذُكر له مثلُ العلوم التي عليها بناء الشريعة، والأحكام التي استنبطها الصحابةُ، ومن بعدهم من علماء الملة، يدفعونه بالكفر الصريح ويقولون: هذا قِشْرٌ، ويزعمون أنهم فائزون بما هو اللُّبّ، وأعجبُ من هذا أن سلسلة هذه الطريقة منتهيةٌ بعلي بن أبي طالب باتفاقهم، وقد تقدم حديثه آنفًا: أَنْ ليس عنده إلا فهمٌ أُوتيه رجلٌ في كتاب الله (2). ثم طَغَوا في هذا الزمان وازدادُوا إذا بأنهم إذا رأوا طالبًا لطريق الآخرة يقولون له: تعال عندي لأريك بعد ثلاثة أيام من قال لموسى بن عمران: لن تراني!!! من يضلل الله فلا هاديَ له، ثم هذا شيخُ الطائفة جُنيد رحمه الله نُقل عنه في كتاب "مناقب الأبرار": إن لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر، أي: طريقة القوم.
باب: الإنصات للعلماء
الإنصات كالإسكات، كل منهما لازم ومتعد، والإنصات سكوت خاص وهو السكوت مع الاستماع، وكذا قاله ابن الأثير، والظاهر أنَّه أَخَصُّ من الإسماع، مقيد بحضور البال وعدم الالتفات، لقوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204].
121 -
(حجاج بن مِنْهال) بكسر الميم (علي بن مُدرِك) بضم الميم وكسر الراء (عن أبي زُرعة) -بضم الزاي المعجمة بعدها مهملة- اسمه هَرِم -بفتح الهاء وكسر الراء- وقيل:
بْنِ عَمْرٍو، عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ:«اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» فَقَالَ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» [الحديث 121 - أطرافه في: 4405، 6869، 7080].
ــ
عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل:[عمرو](جرير) هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي راوي الحديث، قال ابنُ عبد البر: قال جرير: أسلمتُ قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين يومًا، وقال الذهبي: أسلم في رمضان سنة عشر، وهذا هو الصواب. يدل عليه حديثُ الباب، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقل إلى الله في ربيع الأول بعد حجة الوداع.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع) بفتح الحاء وكسرها قال الجوهري: والكسر شاذ، لأنه يكون للنوع (استنصِتِ النَّاس) أي: اطلُبْ منهم الإنصات. قال ابن الأثير: يقال: أنصَتَ ونَصَتَ بمعنًى. فسقط ما يقال: إن الاستفعال من الإنصات قليل؛ لأن الاستفعال من الثلاثي لا من المزيد كما توهمه (فقال) أي: بعد فراغه من الخطبة كما سيأتي الحديث بطوله (2).
(لا ترجعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعض) رَجَع من الرجوع، أي: إلى ما كنتم عليه قبل الإسلام من الكفر، أو إلى أوطانكم، فإنه كان بمكة في حجة الوداع. قال النووي: قيل في معناه ستةُ أقوال: الكفر الَّذي هو ضدّ الإيمان، إن فعلوا محرمًا مستحلين له، أو المراد كفر النعمة أي: نعمة الإسلام، أو ما يقرب من الكفر من المعاصي، أو دُوموا مسلمين، أو لا يُكَفّر بعضُكم بعضًا، أو من تكفر الرجل بالسلاح إذا لبسه. قلتُ: الظاهر من هذه الأوجهِ العودُ إلى الكفر بعده، كما ارتدتْ أكثرُ الأعراب والقبائل، ولفظ:"بعدي" مؤيد له. والراوية في: "يضربُ" الرفع، وجَوَّز الكسائي جَزْمَهُ كما في قوله: لا تكفر تدخل النار، لظهور المعنى. حكاه أبو البقاء وابنُ مالك.
وفي الحديث دلالة ظاهرة على شرف العلم، وأن العالم إذا كان بصدد نشر العلم يجبُ على الناس الإنصاتُ له.