الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - بَابٌ: اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ
47 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ المَنْجُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ
ــ
أهل الجنَّة، فلينظر إلى هذا". وقد علَّقه هنا بالشّرط ولم يجزم به؟ قلتُ: إن كان السائل متعددًا فلا إشكال، وإن كان واحدًا فلعلّه لم يكن عالمًا بكونه من أهل الجنَّة إلَّا بعد ذلك. أو قال أولًا له مواجهة معلقًا بشرط صدقه، لئلا يغترّ، ثم لمّا ولّى جَزَم بذلك لأصحابه حتَّى ينبّه على أنَّه من أتى بمثل فعله فهو مثلُه من المفلحين. وفي الحديث دلالةٌ على أن من أتى بالواجبات فهو من المفلحين.
باب: اتباع الجنائز من الإيمان
الاتباع: بتشديد التاء مصدر اتّبع. والجنائز جمع جَنازة وهي بفتح الجيم وكسرها: الميّت وسريره. وقيل: بالكسر: السريرُ، وبالفتح: الميّت.
47 -
(أحمد بن علي المَنْجُوفيُّ) نسبةً إلى جَده الأعلى، بفتح الميم وسكون النون. (رَوْح) بفتح الراء والحاء المهملة (الحسن) هو أبو سعيد الإمامُ البصري، أفضلُ التّابعين في علم الآخرة، ومعرفةِ أحوال الإنسان، أدرك مئة وعشرين من الصّحابة. والأكثرون على أنَّه لم يلقَ أبا هريرة، ولذلك أتبعه البُخاريّ لمحمد بن سيرين، و (محمد). بالجر عطف على الحسنِ، وهو ابن سيرين، صاحب علم التعبير. قال الواقدي: ابنُ سيرين مولى أنس بن مالك، كان من سبي عين التمر فكاتبه أنس على عشرين ألف درهم، وابنه محمد: تابعي جليل القَدْرِ لا سيّما في علم الحديث. وكان لا يرى رواية الحديث بالمعنى. قال ابن المديني: أصحّ الأسانيد: ابن سيرين عن عُبيدة السَّلْماني.
(من اتّبع جنازة مسلم حتَّى يُصَلّى عليها ويفرغ من دفنها، فإنَّه يرجع من
الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ» تَابَعَهُ عُثْمَانُ المُؤَذِّنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ. [الحديث 47 - طرفاه في: 1323 - 1325]
ــ
الأجر بقيراطَينِ، كل قيراطٍ مثلُ أُحُد) لم يَرِدْ بالقيراط ما عليها العرفُ وهو جزء من أربعٍ وعشرين جزءًا من الدينار، وإلا لم يصحَّ التشبيهُ بأُحد، بل نصيبًا وافرًا. استدل أبو حنيفة بلفظ الاتباع على أن المشي وراءها أفضل، والأئمة الثلاثة على أن المشي قُدَّامها أفضل، لأنَّ المتقدمين كالشفعاء للميت. وشأنُ الشفيعِ التقدُّمُ.
فإن قلتَ: في بعض الروايات: "من صلَّى على جنازةٍ قله قيراطٌ، ومن تبعه حتَّى يُدفَنَ فله قيراطان"، يدل على أن الحاصلَ لمن صَلَّى وحضر الدفن ثلاثة قراريط. قلتُ: حديث الباب نص في القيراطين، فيكون معنى تلك العبارة: له تمامُ القيراطين مع الأول، كما قالوا في تفسير أربعة أيَّام في تمام أربعة أيَّام لئلا تزيد الأيَّام على الستة.
(تابعه عثمان المُؤذن) الضمير في تابعه: يجوزُ عودُهُ إلى أحمد، وإلى رَوْح. وذلك أن البُخاريّ يروي عن عثمان المؤذن تارةً بلا واسطةٍ، وتارةً مع الواسطة، وعلى الأول: تكون المتابعة تامةً.
قال بعض الشارحين: إذا قال البُخاريّ: عن فلان، يُحمَلُ على السماع عند إمكان اللقاء، فهل إذا قال: تابعه فلانٌ يُجزم بسماع؟ قلتُ: قياسُ المتابعة على العنعنة يقتضي ذلك، لكنهم صَرَّحوا بذلك في العنعنة دون المتابعة.
وأنا أقول: هذا كلامٌ لا طائل تحته؛ فإن المتابعةَ إذا كان شيخ البُخاريّ مثل المتابع عليه، أقل درجات أن يكون معنعنًا، لاحتمال أن يكون لو صَرَّح بالعبارة كانت بلفظ السماع ونحوه. قال النووي: القيراطُ الثَّاني إنَّما يحصُلُ إذا تبع الجنازة. أما لو ذَهَبَ إلى القبر وحده ثم حضرت الجنازة، ثم يحصُلْ له ذلك القيراط، والدفن: عبارةٌ عن تسوية تمام التُّراب.