الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - كِتَابُ العِلْمِ
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - بَابُ فَضْلِ العِلْمِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11] وَقَوْلِهِ عز وجل: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114].
ــ
كِتَابُ العِلْمِ
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ فَضْلِ العِلْمِ
(وقول الله عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] وقال: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]).
استدل على ما ترجم له من فضل العلم بالآيتين. واستدلاله ظاهرٌ والتنكيرُ في {دَرَجَاتٍ} للتعظيم أو التكثير. والأحاديثُ في فضل العلم كثيرةِ منها: ما رواه الترمذي وابن ماجه والإمام أحمد عن ابن عباس عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضلُ العالم على العابد كفضل القمر ليلةَ البدر على سائر الكواكب". وروى التِّرمذيُّ عن أبي أُمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضلُ العالم على العابد كفضلي على أدناكم".
فإن قلتَ: لِمَ لَمْ يورد في الباب حديثًا يدل على فضل العلم؟ قلتُ: اكتفى بالآيتين لكونهما قطعيتين مع ظهور الدلالة فيهم. قال العلماءُ: لم يأمرِ اللهُ رسولَهُ صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة في شيءٍ إلا في العلم.
هذا. وقال بعضُ الشارحين: إنَّما لم يذكر فيه؛ لأنَّه لم يتفق له حديثٌ يناسُبُه، أو لأمرٍ آخر. قلتُ: قوله: لم يتفق له حديث. ليس بشيء؛ لأنَّه روى بعده حديثَ: "لا حَسَدَ إلَّا في
بَابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ، فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ
59 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، ح وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ،
ــ
اثنتين؛ [علم آتاه اللهُ مالًا]
…
". وحديث: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" وغيرهما، بل لو قيل: أحاديث الكتاب كلها دالةٌ عليه كان صحيحًا. والصَّواب: أنَّه فرّقَ تلك الأحاديثَ في الأبواب لاستنباط الأحكام منها.
ثم قال الشارح المذكور: فإن قلت: فما تقول في قوله فيما بعد: باب فضل العلم؟ قلتُ: الفضل هناك بمعنى الفَضْلَة أي: الزيادة، وهنا بمعنى كثرة الثواب. هذا كلامه وقد التبَسَ عليه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شربتُ اللبن حتَّى رأيت الري يَخرُجُ من أظفاري، فأعطيتُ فَضْلَهُ عُمَر"؛ فإن المراد به ما فَضَل عن شُربه، ولم يَدْرِ أن المراد بقول البُخاريّ: باب فضل العلم هو شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشُّرب المُفْرِطَ؛ إذ لو لم يكن العلم غاية الفضل والكمال، لم يقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قيل: إنَّما بدأ ببيان فضل العلم دون بيان حقيقته؛ لأنَّ العلم عنده بديهي. قلتُ: هذا دعوى بلا دليل. والحقُّ أنَّه: إنَّما لم يتعرضْ لذلك، إذ لم يدلّ آية ولا حديث على أن حقيقة العلم ما هي.
باب: مَنْ سُئل علمًا وهو مشتغل في حديثه فأتمَّ الحديثَ ثم أجاب السائلَ
59 -
(محمد بن سِنان) بكسر السِّين (فُلَيح) -بضم الفاء- على وزن المصغر هو: أبو يَحْيَى عبد الملك الخزاعي، وفُلَيح لقبُهُ اشتهر به (ح) قد تقدم أنَّه إشارة إلى تحوُّل الإسناد. وقيل: رَمَزَ إلى (صح) وقيل: إلى الحديث (إبراهيم بن المنذِر) -بكسر الذال- الحِزَامي بكسر الحاء وزاي معجمة (عطاء بن يسار) -بالمثناة تحتُ وسين مهملة- الهلالي القاص مولى
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ:«أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ» قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» ، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» . [الحديث 59 - طرفه في: 6496]
ــ
ميمونة أم المؤمنين (بينما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدثُ القوم) بين: ظرف زمان، وفيه معنى المفاجأة، فتارةً تُشبَعُ الفتحةُ فيقال: بينا، وتارةً يزاد عليه ما. والقوم مصدر في الأصل يُطلق على الرجال خاصة (جاءه أعرابي) جواب "بينما" فإنَّه لا يتم إلَّا به. والأعرابي نسبة إلى الأعراب وهم سكان البادية، جمعٌ لا مفرد له، ولذلك نُسب إليه (فقال: متى الساعة) أي: وقت قيامها (فمَضَى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحدِّث) أي: استمرّ في حديثه ولم يلتفت إليه (وقال بعضهم: بل لم يسمع) عطف على قول البعض: "سمع" كأنه عطف تلقائي، أو تقدر قبله سمع فعطف عليه (حتَّى إذا قضى حديثَهُ) أي: أتمّ الحديثَ الذي كان يُحدِّث به القوم غاية لقوله: "مضى في حديثه" وما في البين استطرادٌ أراد أن الراوي قد ضبط الحديث أحسنَ ضبطٍ، وليس من قبيل الاعتراض، إذ لا نكتةَ فيه والاعتراض إنَّما يكون لذلك كقوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} ثم قال: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14] إشارة إلى مزيد حقها. (قال: أين السائلُ عن الساعة، قال: ها أنا) مبتدأ خبره محذوف. أي: أنا السائلُ. وها: حرفُ تنبيه (قال: فإذا أُضِيعَتِ الأمانةُ فانتظرِ الساعةَ) قال ابنُ الأثير: الأمانة تقع على العبادة والطاعة والثقة والأمان، ولكن شيء من هذا لا يلائم قولَه:(إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله) بل المراد: تفويضُ الإمارة والرياسة إلى غير مَنْ يستحق. نظيرُهُ ما تقدم في كتاب الإيمان: "إذا تطاول رُعَاة الإبل في البنيان" وكأنه مأخوذٌ من الوسادة؛ لأنَّ العادة جلوس الأمير على الوسادة أي: جعل تحت تصرفهم، فإلى بمعنى اللام، وفي رواية القابسي:"أُوسد"-بالهمزة- لكن رواه البُخاريّ في أواخر الكتاب: "أُسند" قال: على ظاهرها، وإنَّما كرّر الراوي قال بدون العاطف؛ لأنَّه يحكي مجلس المقاولة. وفي مثله لا يَحسُنُ العطف لاستغلال كل كلام على حدة جوابًا وسؤالًا. ألا ترى إلى قوله تعالى حكايةً عن مقاولة أصحاب الكهف: