الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
34 - باب إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا
172 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا» .
ــ
رأسَه مرة أخرى بالحديبية، لما صَدّه المشركون، وكان الحالقُ في الحج معمر بن عبد الله. وفي الحديبية خراشًا. هذا، ولقد رأيته في المنام صلى الله عليه وسلم جالسًا يحلق رأسه، فبسطت منديلًا وجمعت أكثر شعره، وتذكرت في تلك الحالة قضية أبي طلحة وأنا مسرور بكثرة ما حَصَل لي من شعره، وكان تأويل ذلك ما أنا فيه من فضل الله وتوفيقه.
172 -
(عن أبي الزناد) بكسر الزاي بعدها نون (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز (إذا شرب الكلبُ في إناء أحدكم فليغسل به سبعًا) وفي مسلم: "إحداهن بالتراب" وفي رواية: "أُولاهن بالتراب" وفي أخرى: "أُخراهن" وفي أخرى "ثامنتهن بالتراب" فأخذ بالحديث مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: وهو كسائر النجاسات يغسل ثلاثًا.
والحديثُ حجةٌ عليه.
فإن قلت: من مذهب مالك طهارة ما ولغ فيه الكلب فأي وجه لغسله سبعًا؟ قلتُ: عن مالك ثلاث روايات. طهارته ونجاسته وطهارة الماء دون فِيْهِ مثل كلب الحرث والماشية. فعلى رواية النجاسة لا إشكال، وعلى غيرها يغسل سبعًا تعبدًا إذا غلظ النجاسات كالخمر وغيره، وإنما اكتفى فيها بالإزالة، ويرد على هذا قوله:"طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبعًا" فإن لفظ الطهور نصٌ في نجاسته.
فإن قلتَ: من أصل الشافعي حمل المطلق على المقيد، فلِمَ تَرَكَ أصله هنا؟ قلتُ: تعارضت القيود، فتساقطت، فبقي المطلق على إطلاقه.
173 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَجُلاً رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» . أطرافه 2363، 2466، 6009
174 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
ــ
فإن قلتَ: لِمَ ترك العمل بالثامنة وزيادةُ الثقة مقبولةٌ؟ قلتُ: جعل التراب قائمًا مقامها ليكون عددُ الغَسَلات وترًا.
واعلم أن عدد الغسلات تعتبر بعد إزالة عين النجاسة، وأن هذا الحكم عامٌ بعدُ في سائر أجزائه وفضلاته حتى لو وضع رجله في الإناء، كان الحكم غسله سبعًا، وهذا إذا كان الظرف دون القلتين.
173 -
(إسحاق) كذا وَقَعَ غيرَ منسوب. قال أبو نصر: إن إسحاق بن منصور وابن راهويه يرويان عن عبد الصمد، فيحتمل كلًّا منهما، وقد نَسَبَهُ البخاري في باب مَقْدم النبي صلى الله عليه وسلم إسحاق بن منصور عن عبد الصمد (عن أبي صالح) ذكوان السمان (أن رجلًا رأى كلبًا يأكل الثرى من العطش) الثرى -بفتح الثاء المثلثة- التراب:(فأخذ الرجل خُفّه فجَعَل يغرف له فيه حتى أرواه) استدل به على عدم نجاسة ما ولغ فيه الكلب، لأنه أسقاه في خفه. وفيه نظر؛ إذ لا دلالة فيه على أنه أسقاه في خفه، ولئن سُلّم فليس ذلك من شرعنا، ولا حُكي على وجهٍ يدل على طهارته، لأنه فعله للضرورة.
(فشكر الله له) شكرُ الله لعباده قبولُ الطاعة منهم والرضا عنهم. قاله ابنُ الأثير (فأدخله الجنة) الفاء للتعقيب لا للتفسير، لأن إدخال الجنة متفرع على قبول الطاعة والرضا كقوله تعالى:{فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} [آل عمران: 148] وكقوله: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ} [المائدة: 85] فإنها مرتبة على الأعمال، ولا هو من عطف الخاص على العام كما ظن.
174 -
(وقال أحمد بن شبيب) -بفتح الشين على وزن كريم وعليم- هو شيخ البخاري، وإنما روى عنه بلفظ قال لأنه سمع الحديث منه مذاكرة (حمزة بن عبد الله) أي:
كَانَتِ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
175 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِذَا أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ» . قُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِى فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ قَالَ «فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبٍ آخَرَ» . أطرافه 2054، 5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5486، 5487، 7397
ــ
ابن عمر كانت الكلاب تقبل وتدبر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد) يريد به مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللام فيه للعهد (فلم يكونوا يرشون من ذلك شيئًا) فضلًا عن الغسل. وهذا ظاهر، لأن رِجله طاهرة إذا كانت يابسةً؛ إذ لا نجاسة بين اليابسين. وأما سقوط لُعابها أو بولها على الأرض فليس بمعلوم.
فإن قلتَ: جاء في بعض روايات البخاري كانت الكلاب تبول وتقبل؟ قلتُ: ذلك ليس في رواية الفِرْبْرِي، ولو صَحّ ذلك كان محمولًا على عدم علمهم بموضعه، إذ بول الكلب ليس بأخف من بول الإنسان، وقد أمر بصَبّ ذَنوب من الماء على بول الأعرابي، أو منسوخ بحديث الأعرابي. وأما الاعتذار بأنهم كانوا يقلبون وجه الأرض فلم يثبت مع كونه مخلًا باحترام المسجد، ولو كان ذلك شأنهم، لأمر به في بول الأعرابي، لقوله:"إنما بُعثتم ميسرين" وما يقال: إنما نقل الحديث بلفظ: قال، مع أن: قال، من نوازل الدرجات، فليس بشيءٍ؛ لأن البخاري لا يفرق بين العبارات. قال ابنُ الصلاح: قول المحدثين: قال فلان وذكر فلان محمول على السماع إذا عرف اللقاء. وهذا شأن البخاري، فإنه يشترط اللقاء.
175 -
(عن [ابن] أبي السَّفَر) بفتح السين والفاء ويرويه بعضُ المغاربة بسكون الفاء (عن الشعيي) -بفتح الشين وسكون العين- أبو عمرو عامر الكوفي التابعي الجليل القدر (عن عدي بن حاتم) -بفتح العين وكسر الدال والياء المشددة- الجواد بن الجواد، يكنى أبا طريف بالطاء المهملة (فإنما سمّيت على كلبك ولم تُسَمِّ على كلب آخر).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
استدل به أبو حنيفة ومالك وأحمد على حرمة متروك التسمية عامدًا. واستدل الشافعي بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وبما رواه البخاري عن عائشة أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوم حديثي عهد بشرك يأتوننا بلحمان ما ندري أيذكرون اسم الله عليها أم لا؟ قال: "اذكروا أنتم اسمَ الله عليها وكُلُوا".
فإن قلتَ: ما تقول في هذا الحديث؟ قلتُ: نحمله على أنه منسوخ بآية المائدة.
فإن قلت: فقوله {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ} [الأنعام: 121] قلتُ: قال: المراد بما لم يذكر اسم الله عليه ما ذبح باسم الأصنام بدليل قوله: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وبما رواه مسلم أنه كان في صحيفة علي: لعن الله من ذبح لغير الله، وبقوله تعالى:{وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] بعد قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]، فإنه جملة حالية عن الضمير المجرور في: عليه، مع الإجماع على أنه بترك التسمية لا يفسق، فهو محمول على ما أُهل به لغير الله.
وأما الاستدلال للشافعي بقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] من غير تقييد بذكر اسم الله ليس بتام؛ لأن من أصل الشافعي حمل المطلق على المقيد.
فإن قلت: ما وجه اتصال هذا الحديث بالترجمة؟ قلت: وقع في بعض النسخ بعد ذكر الحمر وأكلها، وعلى تقدير عدم أكلها، المناسبة بين الأكل وبين السؤر، وأحكام تعليم الكلب تذكر في كتاب الصيد.