الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلَاّ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ، مِنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ)
وَقَالَ عَطَاءٌ فِيمَنْ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ الدُّودُ أَوْ مِنْ ذَكَرِهِ نَحْوُ الْقَمْلَةِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ.
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِذَا ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَوْ خَلَعَ خُفَّيْهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا وُضُوءَ إِلَاّ مِنْ حَدَثٍ.
ــ
باب: من لم يَرَ الوضوءَ إلا من المَخْرَجَيْن: القُبُل والدُّبر لقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائده: 6]
فإن قلتَ: استدل بالآية ردًّا على أبي حنيفة وأحمد في قول الخارج النجس من غير السبيلين حدث ظاهر، لكن لا يدل على مذهبه، وعلى انحصار النواقض في الخارج من القبل والدبر، لأن النوم ومسّ الفرج ولمس المرأة نواقض عنده. قلتُ: تلك الأشياء إنما كانت نواقض، لأنها مظنة خروج خارج فالدليل تام لما هو بصدده (وقال عطاء: فيمن يخرج من قبله أو دبره نحو القملة يعيد الوضوء) على هذا: المذاهب الأربعة، إلا ما نقل عن مالك من أن النادر لا ينقض.
(وقال جابر بن عبد الله: إذا ضحك في الصلاة أعادَ الصلاةَ ولم يُعِدِ الوُضوءَ) وعليه المذاهبُ إلا أبا حنيفة في القهقهة بحديثٍ رواه فيه وليس ثابتًا عند أهل الحديث، والقهقهة أن يسمع مَنْ جانبه صوته والضحك أن يسمع صوت نفسه دون مَنْ جانبه، وأما التَبسّم فلا صوت معه ولا تبطل به الصلاة اتفاقًا.
قال بعض الشارحين: إعادة الصلاة عند الشافعي مشروطة بما إذا تيسرت القراءة دونه ولم يغلبه. وهذا الذي قاله سهو منه، لأن ذلك إنما هو في التَنَحْنُحِ ونحوه، فإنه ربما يحتاج إليه إذا لم يقدر على القراءة لوجود عارض في حلقه، وأما الضحك فلا دخل له في ذلك، بل تبطل به الصلاة على أيّ وجهٍ كان (وقال الحسن: إن أخذ من شعره أو أظفاره أو خلع خفّه فلا وضوء عليه) وعليه الفقهاء فإنه يكفيه غسل الرجلين إلا من كان مذهبه وجوب الموالاة (وقال أبو هريرة: إلا وضوء إلا من حدث).
فإن قلتَ: كون الوضوء عن حدث قول كل الأمة، فأيّ وجهٍ لإسناده إلى أبي هريرة. قلت: أراد أبو هريرة بهذا ما يخرج عن أحد المخرجين لما تقدم عنه أنه سئل ما الحدث يا
وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَرُمِىَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَرَكَعَ وَسَجَدَ، وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ. وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِىٍّ وَعَطَاءٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ. وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
ــ
أبا هريرة؟ قال: فُسَاءٌ أو ضُرَاطٌ. وإذا كانا حدثًا فالبول والغائط من باب الأَوْلى (وبذكر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع) قيل: هذه الغزاة في السنة الثانية من الهجرة. قال البخاري: كانت بعد خيبر، وهو الصواب؛ لأن راوي الحديث سيأتي أبو موسى وهو إنما جاء من الحبشة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح خيبر، وإنما سميت ذات الرقاع، لأنهم كانوا يلقون على أقدامهم الرقاع. وقيل: اسم شجرة هناك. وقيل: لأن ألويتهم كانت رقاعًا.
([فرُميَ] رجل بسهم فنزفه الدم) قيل: الرجل الذي رمي عباد بن بشر. والنزف -بالنون والزاي المعجمة- خروج الدم بكثرة. قاله الجوهري (فركع وسَجَدَ ومضى في صلاته) استشكل هذا، لأن خروج الدم ولو سلّم أنه ليس حدثًا فإنه خبث بالاتفاق. قال الخطابي: الاستدلال به مشكل، لأنه لا بُدّ وأن يصيب منه بدنه أو ثوبه، وإن كان يسرًا لا تصح صلاته، اللهم إلا أن يكون خروج الدم على سبيل الدَّفْق بحيثُ لا يصيبه شيءٌ منه، وأجاب بعضُهم بأن الدم القليل معفو عنه، أو لأنه أزاله في الحال، وكلا الجوابين مردود.
أما الأول: فلأن لفظ الحديث: النزف وهو الدم الكثير.
وأما الثاني: فلأن قوله: فركع وسجد ومضى في صلاته، صريحٌ في أنه لم يشتغل بإزالة الدم، بل الجواب أنه ليس فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم بذلك وقرّره عليه على أن في حالة الحرب يفتفر ما لا يفتفر في غيره.
فإن قلت: لم ذكر بلفظ يذكر وهو صيغة التمريض؟ قلتُ: لأنه لم يكن أصل الحديث عنده، لكن رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.
(وقال الحسن: ما زال المسلمون يُصلّون في جراحاتهم) -بكسر الجيم في المفرد والجمع- وهذا ظاهر إذا لم يَسِلْ دمُهُ وكذا إن سال، لأنه من الأعذار (وقال طاوس ومحمد بن علي وعطاء وأهل الحجاز: ليس في الدم وضوء) طاوس هذا من أبناء فارس
وَبَزَقَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَاّ غَسْلُ مَحَاجِمِهِ.
176 -
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، مَا لَمْ يُحْدِثْ» .
ــ
تابعي جليل القدر، قال عبد الملك بن ميسرة: قال طاووس: جالستُ سبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن معين: اسمه ذكوان، وإنما قيل له: طاوس؛ لأنه كان جمال القراء، وقال شيخ الإسلام: طاوس بن كيسان من اليمن وأصله من فارس ومحمد بن علي أبو جعفر الباقر بن زين العابدين، وإنما سُمّي باقرًا لتبقره في العلم، من بقر الشيء إذا شقه، كأنه كان يشق العلم شقًا، ابن زين العابدين رضي الله عنهما وعن آبائهما الأكرمين، وحشرنا في زمرتهم يوم الدين، وأهل الحجاز: فقهاء مكة والمدينة منهم الشافعي ومالك.
(وبزق ابن أبي أوفى دمًا، فمضى في صلاته) اسمه عبد الله، صحابي مكرّم. يقال: بَزَق وبَسَق وبَصَق بمعنىً. أي: ألقى من فيه نخامة ونحوها (وقال ابنُ عمر والحسن فيمَنْ احتجم: ليس عليه إلا غَسْلُ مَحَاجمهِ) -بفتح الميم بعدها حاء مهملة بعدها جيم- جمع مِحْجَم كمناهل في منهل، ومقاتل في مقتل. فمن قال: جمع محجمة وهي مكان الحجامة وقارورة الحجّام، والمراد هنا هو الأول. فقد غلط فيه؛ فإن القارورة بكسر الميم قاله الجوهري وابن الأثير. وأيضًا موضع الحجامة بلا هاء التأنيث.
واعلم أن ما ذكره من أول الباب إلى هنا من أقوال الصحابة والفقهاء تعليقات ذكرها استظهارًا لما هو بصدده من انحصار نواقض الوضوء فيما يخرج من السبيلين.
176 -
(آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة (ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المعروف محمد بن عبد الرحمن، تقدم مرارًا مع مناقبه (سعيد المقبري) بضم الباء وسكون القاف (لا يزالُ العبدُ في صلاةٍ ما كان في المسجد ينتظر الصلاة) أي: هو في الصلاة حكمًا فيما يتعلق بالثواب لا حقيقةً، وإلا لم يجز له التكلمُ وسائر ما ينافي الصلاة. ومعنى ما كان أي: مدة كونه في المسجد. وفي رواية: "ما دام". والمعنى واحدٌ و: "ينتظر" هو الخبر، لأن كل
فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِىٌّ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ الصَّوْتُ. يَعْنِى الضَّرْطَةَ. أطرافه 445، 477، 647، 648، 659، 2119، 3229، 4717
177 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» .
ــ
واحد منهما فعل ناقص أو حال، وفي المسجد خبر.
فإن قلت: لم نكّر الصلاة أولًا وعَرّفها ثانيًا؟ قلتُ: إشارةً إلى أن أية صلاة انتظرها فهو في تلك الصلاة. ويجوزُ أن يكون المراد أنه يحصل له ثواب الصلاة في الجملة لا الصلاة التي انتظرها. وهذا أوفقُ بالقواعد. فعلى الأولى: النكرة المعادة معرفة عين الأول، وعلى الثاني: غيرها. وكلاهما فصيح واقع في كلام الله تعالى.
(فقال رجل أعجمي) قال الجوهري: العجم خلاف العرب، والأعجم الرجل الذي لا يفصح، وإن كان من العرب، والياء فيه للمبالغة كما في دواري وأحمري. وأصل المعجمة: اللكنة في اللسان (ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت).
فإن قلت: الحدثُ ليس منحصرًا في الصوت بالإجماع؟ قلتُ: الكلام في الحدث الذي يكون في المسجد ولا يمكن غيره.
فإن قلت: قد تقدم من رواية همام عن أبي هريرة لما سئل قال: فُسَاءٌ أو ضراطٌ؟ قلتُ: إن كان السؤالُ متعددًا فلا إشكال، وإن كان متحدًا فلعدم الضبط من بعض الرواة.
فإن قلت: على تقدير تعدُّد السؤال فلِمَ اقتصر في أحدهما على الصوت؟ قلت: لأن الريحَ أدلّ على الحدث من الصوت فاقتصر على ما فيه خفاء.
177 -
(أبو الوليد) هشام الطيالسي (عن عَبّاد بن تميم) بفتح العين وتشديد الباء (عن عمه) عبد الله بن زيد بن عاصم (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) هذه قطعة من حديثٍ تقدم مع شرحه في باب: لا يتوضأ من الشك. ولفظه: شكا إليه رجل يخيل إليه في الصلاة، فأجاب بما ذكر هنا. والأفعال الثلاثة في أكثر النسخ بلفظة الغيبة والجزم وتروى بالرفع. وكذا بلفظ الخطاب رفعًا وجزمًا.
178 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُنْذِرٍ أَبِى يَعْلَى الثَّوْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قَالَ عَلِىٌّ كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ «فِيهِ الْوُضُوءُ» . وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ.
179 -
حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ
ــ
178 -
(قُتيبة بن سعيد) -بضم القاف- على وزن المصغر (جَرير) بفتح الجيم على وزن كريم (منذر) -بضم الميم وكسر المعجمة- هو أبو يعلى الثوري بلفظ الحيوان المعروف (محمد بن الحنفية) هو ابن علي بن أبي طالب، نُسب إلى أمه خولة من بني حنيفة سباها أبو بكر لما منعوا الزكاة.
(قال عليٌّ: كنتُ رجلًا مَذَّاءً) -بفتح الميم وتشديد الذال المعجمة - أي: كثير المذي - بفتح الميم وسكون الذال - وهو الماء الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء، أو تخيُّلهن (فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم) لمكان فاطمة، كما صرح به في رواية أخرى.
فإن قلت: قد جاء في رواية الترمذي: أمرت عمارًا. وفي رواية ابن خزيمة: عن علي: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلتُ: يمكن أنه أمر كل واحد من عمار ومقداد، وأما رواية ابن خزيمة محمولة على المجاز، لأنه الآمر فهو إسناد إلى السبب كما في: بنى الأمير المدينة.
(فأمرتُ المقداد بن الأسود) هو مقداد بن عمرو الكندي، نسب إلى أسود بن عبد يغوث لأنه تَبَنّاه بعد أبيه، تقدم الحديث بشرحه في آخر كتاب العلم.
179 -
(سعد بن حفص) بفتح السين وسكون العين (شَيبان) بفتح الشين المعجمة على وزن شعبان (عن أبي سلمة) -بفتح السين واللام - عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف
أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنْ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رضى الله عنه - قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ - رضى الله عنهم - فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. طرفه 292
ــ
(عن عطاء بن يسار) ضدّ اليمين (أن زيد بن خالد أخبره أنه سأل عثمان بن عفان، قلتُ) أي: قال لي: قلت، طواه للعلم به، وليس فيه وضع الشيء غير موضعه، فإن سأل وقال وقلت، كلها على مقتضى الظاهر، لأنه وضع ضمير المتكلم موضع إلى الموصول فبقي بلا عائد، لكنه شاذ فصحَّ.
قال بعض الشارحين: قوله: قلت، بعد قوله: سئل، مثل قول علي بن أبي طالب:
أنا الذي سَمّتني أمي حيدره
وهما عبارتان عن أمر واحد. وهو نوع من الالتفات. هذا كلامه. وقد غلط فيه وذلك أن قوله:
أنا الذي سَمّتني أمي حيدره
ليس من الالتفات في شيء. حتى قال المازني: لولا اشتهار مورده لرددتُهُ، قال: وهو قبيح عند النحاة. ولو كان فيه التفاتٌ كما زعم، لم يكن فيه قُبح، بل كان من فنون البلاغة التي يقصدها البُلَغاء.
(أرأيت إذا جامع ولم يُمْنِ) -بضم الياء- يقال: أمنَى ومَنَى، أي: صبّ المني، والأول أفصحُ، به جاء القرآن الكريم.
(قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة) هذا الحديث وحديث الباب الذي بعده. وحديث: "الماء من الماء" منسوخة بحديث عائشة: "إذا التقى الختانان وَجَبَ الغسلُ" وعليه انعقد الإجماع.
180 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَجَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ» . فَقَالَ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ قُحِطْتَ، فَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ» .
ــ
فإن قلتَ: إذا لم يجب الغسل لعدم خروج المني، فالأَوْلى أن لا يجبَ الوضوءُ لاحتمال عدم البول؟ قلتُ: لعله كان لملامسة المرأة، أو لكونه مظنة خروج الخارج.
180 -
(إسحاق) كذا وقع غير منسوب وقد ذكر الغساني أن ابن راهويه، وإسحاق بن منصور يرويان عن النضر بن شميل، لكن وقع في بعضها: إسحاق بن منصور (عن الحكم) بفتح الحاء والكاف (عن ذكوان) بفتح الذال المعجمة (عن أبي سعيد الخدري) -بضم الخاء المعجمة ودال مهملة- نسبةً إلى خُدْرة، حيٌ من الأنصار (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى رجل من الأنصار) هو غسان بن مالك، جاء ذِكره صريحًا. وحمل هذه القصة على ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي في بيته، لا يصح؛ لأن في رواية مسلم:"مرَّ على رجلٍ"، هذا، وفي قصة الصلاة. قال غسان: جاء فاستأذن علي.
(لعلنا أعجلناك؟ فقال: نعم) أصلُ: لعل، أن تكون للترجي، واستُعمل هنا للشك لقرب المسافة بين الرجاء والشك، ونظيرُه قولُ ابن عمر:"لعلك من الذين يصلون على أوراكهم" وقيل: استعمل للتحقيق. قلت: ولو كان للتحقيق لم يحتج إلى الجواب بقوله: نعم.
(إذا أُعجلت أو قحطت) -بضم القاف وفتحها- رواية الكتاب من قحط المطر قحوطًا إذا احتبس. قال الجوهري: وقد حكى الفراء بكسر الحاء يقحِط. وروى ابن الأثير في "النهاية": أقحط. قال الجوهري: يقال أُقحط القوم على بناء المجهول، أي: أصابهم القحط. وقحطوًا أيضًا على ما لم يُسَمَّ فاعله.
(فعليك الوضوءُ) بالرفع مبتدأ وخبر، يجوزُ النصبُ على أن عليك: اسم فعل أي: الزم