الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 - بَابُ الحَيَاءِ فِي العِلْمِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: «لَا يَتَعَلَّمُ العِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٌ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ» .
130 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
باب: الحياء في العلم
قد تقدم أن الحياء يُمَدُّ ويقصر، وهو أمر وُجداني إنه ينبه عليه بأنه انقباض النفس مخافةَ المذمة واللوم في العاقبة، وقد تقدم على ذلك الكلام مستوفى في باب الحياء من الإيمان.
(وقال مجاهد: لا يتعلمُ العلم مستحيٍ ولا مستكبر) لفظُ مستَحي بالياء، ويُروى بدونه، وكلام مجاهد ظاهر مشاهد وكم ترى من مستغرق في الجهل حياءً من أن يقال في شأنه: لا يعلم لو تلمذ، وكم من جاهل يقول: أنا ابن فلان كيف أتلمذ للناس (نعم النساء نساء الأنصار) كذا في الروايات: نعم، بدون التاء، ووجودها أَوْلى لأن هذا اللفظ وإن كان لفظ الجمع، إلا أنه لا فاصلة بين الفعل وبينه.
130 -
(محمد بن سَلَام) بتخفيف على الأشهر (أبو معاوية) محمد [بن] خازم -بالخاء المعجمة وزاي كذلك- الضريرُ (عن زينب بنت أبي سَلمَة) بفتح اللام والسين (عبد الله بن عبد الله) الأسدي، هو أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم رضاعًا، أولُ من هاجَرَ إلى الله (عن أم سَلَمة) زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أبي أمية، واسمُها هند (جاءت أمُ سلَيم) -بضم السين على وزن المصغر- بنت ملحان الأنصارية النجارية، واسمُها سهلة. وقيل: رُمَيْلة أو رُمَيْثة أو مُليْكة أو أُنَيْقة. الأربعة على وزن المصغر. ويقال لها: الغُميْصاء بالغين المعجمة والصاد المهملة، ورُمَيْصاء -بالراء المهملة وصاد كذلك- أم أنس بن مالك، ومحلُّها من الدين والشجاعة معروف يوم حُنين، لما انهزم المسلمون ثبتتْ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت حاملةً، وهي متم، وبيدها خنجر.
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا رَأَتِ المَاءَ» فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وَجْهَهَا، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا» . [الحديث 130 - أطرافه في: 282، 3228، 6091، 6121].
131 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ
ــ
(هل على المرأة غسلٌ إذا احتلمت)؟ الحلم هو الرؤيا الذي يراه النائم، إلا أن الحلم اشتهر في الشر، والرؤيا في الخير. والمراد هنا: ما تراه المرأة من الواقعة مع الرجل. يقال: حلم -بفتح اللام- واحتَلَم بمعنى واحد (وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأت الماء) فإن خروج الماء هو الموجب في الرجال أيضًا، إلا أن خروجه ربما يخفى، فأقام الشارعُ التقاء الختانين مقامه، لكونه مظنةً له، كما أقام السفر مقام المشقة، لكونه مظنة للمشقة.
(فغَطّتْ أم سلمة، تعني: وَجْهَها) هذا مُدرَجٌ من الراوي وهي زينب، وقوله: تعني وجهها. إدراجٌ في الإدراج؛ الأول من كلام عروة (قالت يا رسول الله وتحتلم المرأة؟) عطف قصة على أخرى بتقدير الاستفهام، وقد يُروى: أو تحتلم؟ فالهمزة داخلة على فعل مقدّر، أي: أتقولُ ذلك؟ (قال: نعم).
(تربتْ يمينُكِ، فبمَ يُشْبِهُها وَلَدُها؟) ترب: -بفتح الباء وكسر الراء- كنايةٌ عن الفقر. يقال: ترب أي: افتقر حتى لصق بالتراب. قال ابن الأثير: لفظه لفظُ الدعاء وتبعه غيره، ولكن لم يرد به ذلك، بل يجري في العتاب على تقصير يقع من المخاطب.
قال ابن بَطّال: الحياء إذا كان للإجلال حَسَن، كما فعلت أم سلمة. قلتُ: لو كان كذلك لَما قال لها: "تربت يمينُك"، بل إنّما عاتبها على أنها كانت أَوْلى بالسؤال؛ إذ لا حجاب بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أَلا ترى أن عائشة مَدَحتْ نساءَ الأنصار بعدم الحياء في التفقه في الدين؟
131 -
(إسماعيل) هو ابن أبي أويس ابن أخت أبي مالك بن أنس