الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ شُعْبَةُ: رُبَّمَا قَالَ: «النَّقِيرِ» وَرُبَّمَا قَالَ: «المُقَيَّرِ» قَالَ: «احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ» .
27 - بَابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ، وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ
88 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عُزَيْزٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ
ــ
(قال شعبة: ربما قال النقير، وربما قمال: المقيّر) النقير فعيل بمعنى المفعول هو الجذع المنقور، والمقيّر على وزن المفعول: المطلي بالقير. والكلامُ على معنى الحديث مستوفى تقدم في كتاب الإيمان في باب أداء الخُمس من الإيمان، وقد أبدينا هناك فائدة جليلة فراجعها.
باب: الرحلة في المسألة النازلة
الرّحلة -بكسر الراء- مصدر نوعي من الارتحال -وبضم الراء- الرَّحل الذي يرحل إليه، أو الجهة التي يرحل إليها.
88 -
(محمد بن مقاتل) -بضم الميم وكسر التاء- أبو الحسن (عبد الله) هو ابن المبارك، بحر العلم ومعدن التقوى والزهد (عمر بن سعيد بن [أبي] الحسين)، (عبد الله بن أبي مُلَيكة) هو عُبيد الله على وزن المصغر، وأبو مُلَيكة -بضم الميم على وزن المصغر- جده، واسمُهُ زهير، تابعي معروف جليلُ القدر (عن عُقْبة بن الحارث) -بضم العين وسكون القاف- أبو سروعة القريشي. قال الكرماني نقلًا عن ابن عبد البرّ: إنَّ ابنَ أبي مُلَيكة لم يسمع من عُقْبة، وبينهما عُبيد بن أبي مريم، قال: وذاك سهو؛ فإن ابن أبي مُليكة قال في باب شهادة المرضعة: سمعتُ من عقبة هذا كلامه. والذي وقعنا عليه من نُسَخ البخاري في هذا الباب أن ما يرويه معنعن لكن ابن أبي مُلَيكة ثقة. قال النووي: رأى ثلاثين من الصحابة، ولم يذكره أحد بالتدليس، فإذا كان بهذه المثابة مُعنعَنُهُ في قوة السماع.
(تزوَّج ابنةً لأبي إهابِ بن عزيزٍ) بكسر الهمزة في إهاب، وقيل: ابنة أبي إهاب هذه
وَالَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي، وَلَا أَخْبَرْتِنِي، فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ» فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. [الحديث 88 - أطرافه في: 2052 - 2640 - 2659 - 2660 - 5104].
ــ
تكنى أم يحيى ولم يُعلم اسمُها. قلتُ: جاء في بعض الروايات: تزوجت زينب بنت أبي إهاب، وقيل: اسمها غنية. ذكره السهيلي في "روضة الأنف".
(فأتتْهُ امرأة فقالت: إني قد أرضعتُ عُقبة، والتي تزوَّجها) كان الظاهر أن تقول: أرضعتك، إلا أنه التفات في غاية الحُسْن؛ لأن الخطاب يسوء المخاطب، أو أنها لما جاءت عقبةَ خاطبتْ غيرَه من الناس.
(فقال لها عُقبة: ما أعلمُ أنكِ أرضعتني، ولا أخبرْتِني) يروى الفعلان بدون الياء بعد التاء على ما هو الأصل، ومع الياء الحاصلة من إشباع الكسرة.
قال بعضُ الشارحين: ولا أخبرتني عطف على ما أعلم. وإنما اختار في: "ما أعلم "، المضارع، وفي:"أخبرتني"، الماضي؛ لأن نفي العلم حاصلٌ بخلاف نفي الإخبار، فإنه كان في الماضي فقط. وهذا سهو؛ فإن عُقْبةَ نَفَى العلمَ والإخبارَ في الماضي؛ إذ لو علم أو أخبرته لم يتزوجها. والصواب: أن عدم العلم مستمر في الحال حاصل دون عدم الإخبار؛ فإنه واقع في تلك الحالة.
فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة) قوله: بالمدينة، حال من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: حال كونه مقيمًا بالمدينة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل؟) هذا ظاهر في أنه لم يكن منه حكمٌ بقول المرضعة وحدها كما ذهب إليه الإمام أحمد في روايةٍ، وأصرح منه قوله:(ففارَقَها عقبةُ) إذ لو كان حكمه بالتفريق لأجل الرضاع، لم يحتج إلى فراق الزوج.
وإنما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك النكاح، لأن شأن الفروج الاحتياطُ فيها، وأيضًا مع هذا الوهم لا تطيب العشرةُ (ونكحتْ زوجًا غيرَهُ) اسمُ هذا الزوج ضُرَيب، مصغر ضرب، فائدة هذا الكلام الدلالة على أن الراوي قد أحاط بالواقعة علمًا كما ينبغي.
فإن قلت: ما الفرقُ بين هذه الترجمة وبين ما تقدم من الخروج لطلب العلم؟ قلتُ: هذا في المسألة الضرورية والحادثة اليومية، وذاك في طلب علم ليس عنده استكمالًا.