الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - بَابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ
60 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا - وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ -
ــ
{قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} [الكهف: 19] وفي الحديث دلالةٌ على أن العالِم قاضيًا كان أو مفتيًا، يُقدم الأهم فالأهم، وإذا كان مشتغلًا بحديث لا يقطعه على السامعين [إلى] أن يتمه وعليه أن يَرْفُق بالمتعلم وإن بدا منه سوءُ أدبٍ، وعلى المتعلم أن يراجع إن لم يفهم المقصود.
باب مَنْ رَفَعَ صوته بالعلم
60 -
(أبو النُعمان) -بضم النون- هو: محمد بن الفضل المعروف بعارم (أبو عَوَانة) -بفتح العين- الوضاح اليشكري (عن أبي بِشر) -بالموحدة وشين معجمة- جعفر بن إياس (يوسف بن ماهَكَ) في سين يوسف: الحركاتُ الثلاث. وماهَكْ مصغر ماه. وماهٌ مرادف للقمر في لغة الفرس. والكاف علامةُ التصغير كالياء في لغة العرب، غيرُ منصرفٍ لأنَّه علم المؤنث. قال الدارقطني: اسم أمه. ورواه الأصيلي بكسر الهاء وهو سهوٌ منه. وقال: إنه منصرف وقيل في توجيه صرفه: لأنَّ شرط المعجمة العلمية. قلتُ: قد ذكرنا نقلًا عن الدارقطني أنَّه عَلَمُ أمه. على أن الفاضل الرضي قد منع شرط كون العجم علمًا في العجمة، بل شرط أن لا يستعمل إلَّا علمًا في لغة العرب، كقالون فإنَّه غير منصرف مع كونه اسمَ جنسٍ. قال الدارقطني: اسم أبيه بُهْزاذ بضم الباء وسكون الهاء وزاي وقال معجمتين، وكذا ضبطه النووي، فارسي الأصل، نزيل مكّة (عبد الله بن عمرو) ابن العاص العابد العالم. قال أبو هريرة: ليس في الصّحابة أكثر حديثًا مني إلَّا ما كان من عبد الله بن عمرو؛ فإنَّه كان يكتب ولا أكتبُ.
فإن قلتَ: فكيف رُوي الحديثُ عن أبي هريرة أكثرَ منه؟ قلتُ: كان بمصر في أيَّام إمارة أبيه، فلم يقع له من يروي عنه إلَّا قليل.
(فأدرَكَنا وقد أرهقَتْنا الصلاةُ) وسيأتي في الكتاب أنها كانت صلاة العصر. بفتح الكاف
وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:«وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. [الحديث 60 - طرفاه في: 96 - 163]
ــ
وسكون القاف والإرهاق من الرَّهَق وهو الدُّنُو. ومنه: الغلامُ المراهِقُ. وفي الحديث: "إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيء فليرهقه". والمعنى: أخّرناها حتَّى كِدْنا أن نلحقها بالصلاة التي بعدها. قال القاضي: ويُروى بفتح القاف ورفع الصَّلاة. والمعنى: أعجلتنا الصَّلاة لقرب فوتها (ونحنُ نتوضأ) جملة حالية (فجعلنا نمسَحُ على أرجلنا) أي: شرعنا من أفعال المقاربة (فنادى بأعلى صوته: ويلٌ للأعقاب من النار) أي: لأصحابها حيث تركوا الفرض المقطوع به وهو قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] وقيل: إنَّما خُصَّ، لأنها محل الجناية كقطع يد السارق. وفي رواية التِّرمذيِّ:"ويل للأعقاب وبطون الأقدام" لأنَّ بطون الأقدام خَفيٌّ عن الأبصار لا يصل الماءُ إليه إلَّا إذا حوفظ عليها.
فإن قلت: المسحُ عليه هو المستفاد من الآية. وهو قراءة الجر في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]؟ قلتُ: هذا الحديث وإجماع الأمة ولا على أن الجرّ في آية الوضوء محمول على جرّ الجوار. وهو إعرابٌ صحيح استعمله البلغاءُ. قال الجعبري: يروى عن الشَّافعي أن قراءة الجر محمولةٌ على المسح على الخُف بيانًا لحال الرجل في الحالتين. هذا، ولم يُنقَلْ فعلٌ أو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا من الدهر. أنَّه فعل ذلك، أو أشار إلى جوازه. فويل للروافض من النَّار، والتعجبُ من جهلهم أنهم لا يجوزون المسحَ على الخفّ مع أنَّه من رواة حديث المسح: عليُّ بنُ أبي طالب.
(مرتين أو ثلاثًا) قيد للنداء والشك من عبد الله، وإنَّما كرّره على دأبه فإنَّه كان إذا تكلم بكلمةٍ أعادها ثلاثًا، وإن المقام يقتضي التأكيد.
فإن قلتَ: اللام للنفع، و (على) للضرر، فما معنى اللام في قوله: "ويل للأعقاب
…
"؟ قلتُ: ذاك معنى آخر، واللام هنا للاختصاص.
قال بعضُهم: فإن قلتَ: المسحُ على ظهر القدم لا على الرجل كلها. قلتُ: أُريدَ القدمُ، والقرينةُ العرفُ الشرعي. هذا كلامه. قلتُ: هذا الذي ذكره بناءً على أن الرجل ليس موضوعًا للكل والجزء بالاشتراك، وفيه نزاعٌ مذكور في الأصول. وأيضًا ما ذكره إنَّما هو