الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِىَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَالأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ». طرفاه 3333، 6595
19 - باب كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
319 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ،
ــ
(فإذا أراد أن يقضي خلقه) أي: يتم ويكمل بنفخ الروح كقوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14](قال: أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق والأجل؟ فيكتب في بطن أمه) أي: هذه الأمور والكاتب إما ذلك الملك وهو الظاهر، أو ملك آخر لما جاء في الروايات:"ثم يَبْعَثُ الله ملكًا بأربع كلماتٍ". والجار في قوله: في بطن أمه، يجوزُ أن يتعلق بيكتب على أن الكتابة كائنة في البطن، لأن الملك موكل بالرحم أو حال من المفعول أي: يكتب عليه حال كونه في بطن أمه قبل نفخ الروح.
فإن قلت: ما مراده بقوله: "ذكر أم أنثى؟ إلى آخره؟ قلتُ: المباشرة إلى كتابته قبل نفخ الروح، إظهارًا لكمال الطاعة والانقياد.
باب كيف تُهِلُّ الحائض بالحج والعمرة؟
أي: كيف تحرم، لأن الإهلال رفع الصوت بالتلبية. وهو من لوازم الإحرام، فأطلق عليه مجازًا مرسلًا.
319 -
(بُكَير) بضم الباء على وزن المصغر.
(عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فمنّا من أَهَلّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بحج) هذا إنما كان بعد أمره بفسخ الحج إلى العمرة من لم يكن معه هدي، فلا يرد ما تقدم من قولها: لا نرى إلا الحج.
فإن قلتَ: سيأتي في كتاب الحج أنه أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة وهم بسرف
فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ» . قَالَتْ فَحِضْتُ فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلَاّ بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِى وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ، وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَيْتُ حَجِّى، فَبَعَثَ مَعِى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ، وَأَمَرَنِى أَنْ أَعْتَمِرَ مَكَانَ عُمْرَتِى مِنَ التَّنْعِيمِ.
ــ
وقال هنا: لما قدمنا مكة. قلتُ: أمرهم بقوله: "من أحب" وهم بسرف ولما توقفوا في ذلك أمرهم بمكة بعد الطواف والسعي حكمًا جازمًا.
(ومن كان معه هدي فلا يحل حتى ينحر) استدل به أبو حنيفة والإمامُ أحمد على أن المعتمر إذا كان معه هدي وقد تمتع بالعمرة إلى الحج لا يتحلل من عمرته حتى ينحر يوم النحر، وقال الشافعي: يتحلل بعد الفراغ من أعمال العمرة وينحر هديه وقال: هذا مختصر من حديث عائشة، وقد رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من كان معه هدي فليُهل بالحج مع العمرة".
قال بعضُهم: فإن قلتَ: قد يتحلل الشخص بعد انتصاف ليلة النحر، فلم جعل غايته النحر، أو وقته وهو بعد طلوع الشمس يوم النحر، وأجاب بأن المراد من التحلل الكليّ الذي يجوزُ معه الجماع. هذا كلامُهُ. وخبطهُ ظاهر، وذلك أن الشافعي يجوز ذبح الهدي بعد انتصاف ليلة العيد.
قال الرافعي: ويدخل وقت الرمي والحلق والذبح والطواف بانتصاف ليلة النحر. وإنما نشأ غَلَطُهُ من وقت التضحية، فإنه بعد ارتفاع الشمس، بل بعد الصلاة.
(فحضت) أي: استمر الحيضُ؛ لأن ابتداء حيضها كان بسرف كما تقدم.
فإن قلتَ: ترجم على كيفية إهلال الحائض ولم يرو في الحديث كيفيته؟ قلت: علم من الحديث أن حال الحائض حال الطاهر إلا في الطواف.
وفقه الحديث جواز إحرام الحائض بالحج والعمرة؛ فإن عائشة كانت أولًا معتمرة، ثم لما بدأ بها المانع استمرت على ذلك عسى أن تطهر قبل الوقوف فلما لم يتيسر لها ذلك أدخلت الحج على العمرة، وصارت قارنة كما سَبَقَ تحقيقهُ.