الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ الوِقَاعِ
141 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَبْلُغُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ» [الحديث 141 - أطرافه في: 3271، 3283، 6165، 6388، 7396].
ــ
فإن قلتَ: كان الظاهر ذكر الفاء بدل ثم؟ قلتُ: آثَرَ: ثم، للدلالة على أن الموالاة ليست بشرطٍ؛ لأنه بصدد التعليم، ومثله يجب رعايته.
باب: التسمية عند الوقاع وعلى كل حال
التسمية تقع على معانٍ: الأول: وضع الاسم بإزاء الشيء كقولك لمولود لك: سميت ابني زيدًا، وذكر الشيء باسمه الموضوع له تقول: سمّيت زيدًا أي: ذكرته بهذا الاسم، وتارة يطلق على المسمى، ولا شك أنه مجاز في هذا القسم، ومن المعنى الثاني: قول أُبَي بن كعب لما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرني الله أن أقرأ عليك القرآن": سَمّاني الله. أي ذكرني بهذا الاسم.
141 -
(جَرير) بفتح الجيم على وزن فَعيل (عن سالم بن أبي الجَعْد) بفتح الجيم وسكون العين (عن كُرَيب) بضم الكاف يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أي: أتى برفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إما بواسطةٍ أو بدونها، والشك من كُريب. ولذلك قال: يبلُغُ به النبي صلى الله عليه وسلم. لكن جاء في سائر الروايات الرفعُ من ابن عباس بلا واسطة.
(لو أن أحدكم إذا أتى أهله) الجملة التي في حيّز لو، في تأويل المصدر فاعل فعل مقدر، لأن لو، لا تدخلُ إلا على الفعل. والتقدير: لو ثبت إتيان أحدكم أهله مقيدًا بهذا القيد، وقوله:(اللهم جَنّبنا الشيطان وجَنب الشيطان ما رزقتنا). وقوله: (فقُضي) عطف على ثبت المقدر. وقوله: (لم يَضُره) جزاء الشرط، والأهل أعمّ من الزوجة والجواري.
فإن قلت: لِمَ جعل الشيطان في الأول مفعولًا ثانيًا، وفي الثاني مفعولًا أول؟ قلتُ: اهتمامًا بشأن الولد المرزوق؛ فإنه سبب وضع الدعاء والسياق له، وذكر الرجل نفسه وقع بالعرض.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن قلت: لم يرو في الباب حديثًا يدل على أحد شقي الترجمة وهو التسمية في كل حال؟ قلتُ: يُعلم من الشق الآخر حكمه، وذلك أنها إذا كانت في حالة الوقاع التي هي أبعدُ الحالات سنَّةً ففي غيرها من باب الأولى.
فإن قلت: مشروعية التسمية عند الوضوء بهذا الحديث على أيّ نوع هو؟ قلت: ندبًا عند الجمهور. وقال بوجوبها أبو بكر بن أبي شيبة لحديث رواه أحمد وأبو داود والحاكم: "لا وضوء لمن لم يُسَمِّ". قال المنذري: لا يصح في هذا الباب حديث. قلتُ: ولو صحّ كان محمولًا على نفي الكمال.
قال بعضُ الشارحين: وفي الحديث من الأحكام أن التسمية عند ابتداء كل فعل مستحبة إشعارًا بأن الله هو الميسر والمعين، ولذلك استحبّ مالك التسميةَ عند الوضوء، ولا أعلم أن ذكر خصوص مالك لماذا، فإن العلماء كافةً على ذلك سوى ما نقلنا عن أبي بكر بن أبي شيبة. ثم قال الشارح المذكور: فإن قلتَ: ما وجه ترتيب هذه الأبواب؟ وذلك أن التسمية إنما هي قبل غسل الوجه لا بعده وتوسط الخلاء بين أبواب الوضوء لا يناسب ما عليه الوجود يعني أن دخول الخلاء إنما يكون قبل الوضوء، فلا يلائم ذكره بين أفعال الوضوء. ثم أجاب بأن البخاري لم يُراعِ حُسْن الترتيب. هذا كلامه. وليس بشيء، كيف وأدنى من يؤلف أدنى تأليف يراعي ذلك؟! كيف يلقي الأحاديث كيف اتفق مثل البخاري؟! بل قد راعى ترتيبًا انتقاه، وذلك أنه استدل بالآية على أركان الوضوء في أول كتاب الوضوء، ثم أورَدَ فضائله حديث غرّ المحجلين. ثم ذكر ما يناقض الوضوء. ثم ذكر أدنى مراتبه، وما تصحّ به الصلاة، ثم ذكر ما به كمالُ الوضوء من ذكر اسم الله، ثم ما يتعلق به من أمر الخلاء، فقد قَدَم الأهَمّ فالأهم كما ترى.
فإن قلتَ: ما المراد بقوله: "لم يَضُره" لأن أحدًا -غير الأنبياء- لم يَسْلَم من شرّ الشيطان، ألا ترى إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن تغفرْ اللهم تغفِر جَمًّا، وأيّ عبد لك لا ألما"؟ قلت: المراد الضرر البالغ إنما أطلقه لأنه معلوم.