الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - بَابُ تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ
97 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ، حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم،
ــ
باب تعليمُ الرجل أَمَتَه وأهلَهُ
97 -
(محمد بن مَلَام) بتخفيف اللام على الأشهر (المحاربي) -بضم الميم والحاء المهملة آخره باء موحدة- هو عبد الرحمن بن محمد الكوفي (صالح بن حَيَّان) -بفتح الحاء وتشديد المثناة- الهمذاني من نسل أبي بردة وليس هذا صالح بن حيان القرشي، فإن البخاري قال فيه: إنه ضعيف، (الشعبي) -بفتح الشين المعجمة - أبو عامر بن شراحيل، قال الجوهري: نسبةً إلى شعب، وهو جبلٌ بيمن، ذو شعبين. نزله حسان بن عمرو الحميري، وولده، فنسبوا إليه، ومنهم: عمرو بن شراحيل وهو تابعي جليلُ القدر، معروفٌ. قيل: إنه رأى خمسين من الصحابة (أبو بُرْدَة) -بضم الباء- عامر بن أبي موسى.
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثةٌ لهم أجران: رجلٌ من أهل الكتاب آمَنَ بنبيه، وآمَنَ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم) المراد مِن أهل الكتاب: اليهود والنصارى، لأن الزبور لم يشتمل على الأحكام، بل تحميد وتقديس، وقوله:"آمن بنبيه": يدل على أن شرع عيسى لم يكن ناسخًا شَرْعَ موسى، ويدل عليه قوله تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ} [المائدة: 44].
فإن قلت: فقد قال تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ} [المائدة: 47] قلت: المراد منه ما لا يعارض التوراة جمعًا بين الآيتين.
فإن قلتَ: "آمن بنبيه" يدل على أن مَنْ آمَنَ مِنْ أهل الكتاب يكون له أجران في هذا الزمان؟ قلتُ: لا دلالة فيه، لأنه بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس نبيًّا له، لأنه بُعث إلى الأسود والأحمر {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَةً لِلْنَّاسِ بَشِّيرًا} [سبأ: 28].
فإن قلتَ: فقد جاء "بعيسى" بدل نبيّه صلى الله عليه وسلم، وذا صريحٌ في أنَّه نسخ شريعة موسى؟ قلتُ: لا دلالة فيه، فإنه مفهوم اللقب، مثل إيماننا بمحمد مع أنا مؤمنون بجميع الأنبياء.
وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ.
ــ
فإن قلت: اليهود الذين كفروا بعيسى، هل يدخلون في هذا الحكم؟ قلت: لا لأن من كفر بنبي فهو كافر بكل الأنبياء.
(والعبدُ المملوك إذا أدَّى حقَّ الله وحقَّ مواليه) قَيَّد العبد بالمملوك، ليتعين لفظ المولى للسيد، لأن لفظَه مشترك بين السيد والعبد. ونكَّر الرجل وعرَّف العبد، تفننًا في العبارة، والمسافة بين النكرة والمعرفة بلام الجنس قريبه، وأتى بلفظ الجمع في المولى ليعلم أن العبد المشترك، إنما يحصل له الأجران إذا وفى بحق كل واحد من الموالي، والمراد بحق الله: الأحكام العامة بين الأحرار والعبيد، كالصلاة والصوم والكفّ عن المناهي.
فإن قلتَ: يلزم أن يكون مؤمن أهل الكتاب، وهذا العبد الَّذي هذا شأنه، أفضل من أكابر الصحابة؟ قلت: كذلك، لكن من هذا الوجه، ولا محذور فيه؛ لأن لهم الفضل من جهاتٍ أخرى.
ورَوَى الطبراني في "الأكبر" و"الأوسط" عن ابن عباس: "إن العبد يدخل الجنّة قبل مولاه بسبعين خريفًا، فيقول مولاه: يا ربّ، هذا كان عبدي؟ فيقول الله تعالى: بلى ولكن جازيته بعمله، وجازيتُك بعملك". وروى الإمام أحمد عن أبي بكر الصديق "أن أول من يَقْرَعُ بابَ الجنّة المماليك إذا أحسنوا فيما بينهم وبين الله، وفيما بينهم وبين مواليهم".
(ورجلٌ كانت عنده أَمَةٌ يَطَؤها فأَدَّبَها فأحسَنَ تأديبَها، وعَلَّمها فأحسَنَ تعليمَها) المراد بالوطء: التمكّن منه، سواء صدر منه بالفعل أو لا، وفائدة ذكره الدلالة على أن ذلك التأديب والعلم والإعتاق، كان لوجه الله؛ لأن ما يتعلق بهوى النفس كان حاصلًا له.
فإن قلت: ما الفرقُ بين التأديب والتعليم؟ قلت: التأديب: الحمل على محاسن الأخلاق، فهو من مقدمات تعليم الأحكام، وإنما آثر في الإعتاق ثَمَّ، لأن الإعتاق يتراخى عن التأديب والتعليم، أو إشارة إلى تراخي رتبة الإعتاق؛ إذ لا عبادةَ أفضلُ منه، ولذلك قال الفقهاء: لو أوصى يصرف ثلث ماله على أقرب القربات تصرف إلى إعتاق الأرقاء.
(فله أجران) أعاده لطول الفصل، ولأن كثيرًا من الناس يستنكف نكاح أمته، خَصَّه بالذكر ترغيبًا.