الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالنَّارِ، وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ - لَا أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُوقِنُ لَا أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا، فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ لَا أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ لَا أَدْرِى، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ».
39 - باب مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ الْمَرْأَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ تَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا. وَسُئِلَ مَالِكٌ أَيُجْزِئُ أَنْ يَمْسَحَ بَعْضَ الرَّأْسِ فَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ.
ــ
والنارَ) بالنصب عطف على الضمير المنصوب، وبالجر عطف على شيء والرؤية رؤية البصر. قال بعضُ الشارحين: فإن قلتَ: هل رأى ربَّه في هذه القضية؟ قلتُ: نعم؛ لأنه ممكن. وما من شيء عام يتناوله. هذا كلامه. قلتُ: هذا خلاف الإجماع لأن القائلين برؤيته إنما يقولون بذلك ليلة المعراج، ولو كان كما قال كان الواجب أن يقول: حتى رأيت الله بدل قوله: "حتى الجنة والنار" هذا لا يخفى على من له أدنى ذَوْق.
باب: مسح الرأس كلّه (لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6])
ذهب مالك والإمام أحمد في إحدى الروايتين على أن مسح كل الرأس واجب استدلالًا بالآية، وبحديث الباب عن عبد الله بن زيد بن عاصم. وقال أبو حنيفة: يكفي مسحُ ربع الرأس استدلالًا بحديث المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَسَحَ على ناصيته، فكان ذلك بيانًا لمجمل الآية، وذَهَبَ الشافعي إلى أن الواجب أقل ما يُطلق عليه اسمُ المسح لما تقدم من حديث عثمان بن عفان، ولأن الباء إذا دخلت الآلة لا تفيد الاستيعاب، بل قدر ما يحصل به المقصود، والرأس شبيه بالآلة. وأما استدلال مالك وأحمد بحديث الباب وحديث المغيرة في ربع الرأس كما استدل به أبو حنيفة ففيه أنه حكاية الفعل ولا عموم له اتفاقًا. وأما
185 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى - أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِى كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ نَعَمْ. فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. أطرافه 186، 191، 192، 197، 199
ــ
الاعتراضُ على الشافعي بأن أقل ما يطلق عليه الاسم من المسح حاصل في ضمن غسل الوجه فغيرُ واردٍ، لأن الترتيب عنده واجبٌ فلا يقوم ذلك مقام المسح. وأجاب بعضهم عن استدلال مالك بالحديث بأنه لبيان الكمال لا لِما لا بُدَّ منه وليس بشيء، لأن فيه غَسلَ اليدين مرتين، ولم يذكر في غسل الرجلين إلا مجرّد الغسل. وما يقال: إن مسح الكل واجب. وإنما ترك حيث ترك لعذر، فلا وجه له، لأنه مجرد دعوى.
185 -
(ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين) يجوزُ في الميم الفتح والكسر. واختلف العلماء في وجوب غسل المرفق، فذَهَب الشافعي وأبو حنيفة ومالك في روايةٍ وأحمدُ إلى إدخال المرفق بحديث جابر، رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يديرُ الماءَ على المرفق. رواه الدارقطني والبيهقي، ولعدم إمكان غسل الذراع بدونه لتشابك عظم الذراع والعضد، فَدَلَّ على أن: إلى، بمعنى: مع، كما في قوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] وقيل: إنما دَخَل المرفقُ في الغسل لأن ما بعد: إلى، إذا كان من جنس ما قبله يدخل معه في الحكم، وإذا لم يكن لم يدخل كقوله تعالى:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وفيه نظرٌ؛ لدخول آخر القرآن في قولك: قرأت القرآن إلى آخره، وعدم دخوله في: قرأت الكتاب إلى باب القياس مع أن الغاية من جنس المُغَيّا فيهما. فالتحقيقُ أن الدخول والخروج دائر مع الدليل وليس في الكتاب دلالةٌ على أن المختار عند البخاري وجوب مسح جميع الرأس، بل إنما أشار بالآية والحديث إلى دليل من استدل بهما.