الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
54 - بَابُ مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ
134 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: «لَا يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا البُرْنُسَ،
ــ
باب من أجاب السائل بأكثر مما سئل
كذا في أكثر النسخ وهو بنزع الخافض أي: بأكثر كما في بعضها.
134 -
(ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن، تقدَّمَ بعضُ مناقبه في باب كتابة العلم (وعن الزهري) إشارة إلى تحول الإسناد فكما روى ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر فكذلك رواه الزهري (عن سالم عن ابن عُمر). (أن رجلًا سأله ما يَلْبَسُ المحرِم؟) ما: استفهامية. وقيل: موصولة أو موصوفة بنزع الخافض أي: عما يلبس وهذا تكلُّف وعدولٌ عن الظاهر ويردّه ما سيأتي في كتاب الحج من رواية ابن عمر أن رجلًا قال يا رسول الله: ما يلبسُ المحرِمُ؟ فإن نزع الخافض لا يعقل مع قال وهو ظاهر (لا يلبَس القميص) -بفتح الباء- يقال: لبِس بالكسر يَلْبَسُ بالفتح في لبس الثوب، ولَبَسَ بالفتح يلبِس بالكسر إذا خلط وستر، والرواية بالرفع نفي في معنى النهي، وهو أبلغ من صريح النهي، وذلك لأنه إخبار، فكأنه نهى عنه فانتهى فأخبر عن ذلك الانتهاء، (ولا السراويل) قيل: لفظ عجمي. وقيل: عربي لا مفرد له، وقيل: مفرده سروالة. وأنشدوا:
عليه من اللؤم سروالة
…
فليس يرق لمستضعف
(ولا البُرنس) بضم الباء وسكون الراء قال الجوهري: قلنسوة طويلة، كان النُسَّاك يلبسونها في صدر الإِسلام. قلت: وكذا يلبسها أهلُ المغرب. وإنما أعاد لفظة لا في المعطوفات، لئلا يتوهم تعلُّق الحرمة بالمجموع من حيث المجموعُ.
قال بعضُ الشارحين: إنما عطف البُرْنس على العمامة لتغطيه بالمعتاد وغيره. قلتُ:
وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ». [الحديث 134 - أطرافه في: 366، 1542، 1838، 1842، 5794،
5803، 5805، 5806، 5847، 5852].
ــ
هذا إنما يصح لو لم يكن في صدر الإِسلام لبس البرنس معتادًا، ولا ثوبًا مسَّه الورس -بفتح الواو وسكون الراء -نبتٌ أصفر يُصبَغُ به. قال الشارح المذكور: إنما غير الأسلوب هنا ليدل على عموم الحكم للمذكر والنساء. قلت: الحكم عام ولكن لا تَغَير في الأسلوب.
فإن قلت: سؤال السائل إنما كان عن شيء يجوزُ لبسه فلم ذكر في الجواب ما لا يجوزُ لبسه؟ قلتُ: لأن المحرمات أقلّ من المباحات، فكان ذاك أخصر في الجواب وسلوك مثله واجب عند البلغاء. وما يقال: إنما عَدَلَ عن ظاهر الجواب تنبيهًا على أن الأولى بحال السائل السؤال عما لا يجوزُ لبسه، لأن الحرمة عارضة، فليس شيء إذ هو بصدد ذلك، لا أنه يريد تعلّم المسألة حتى يقال: هذا عارض وذاك أصلي، لأن الإنسان إنما يسأل عن شيء يفعله يدلّ عليه ما سيأتي في كتاب الحج من قول البخاري باب ما يلبس المحرم؛ إذ لو كان الأمرُ على ما ذكره، كان القياسُ أن يقول: باب: ما يلبس المحرم.
فإن قلت: ما الحكمة في منع المحرم عن الأشياء المذكورة؟ قلت: تركًا للزينة؛ لأن الحاج أشعث أغبر، كما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن قلتَ: لم يستوف المحرمات كالعباءة والجبة؟ قلتُ: اكتفى بالقميص، فإنه يقاس عليه كل مخيط.
واعلم أنه اشتهر في عبارات الفقهاء أن الحاج لا يلبس المخيط، ولكن ذاك مقيَّد باللبس على وجه الإحاطة بالبدن، وأما لو ارتدى أو تأزر بالمخيط فلا بأس به.
(فَلْيَلْبَس الخفين وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين) الأمر الأول للإباحة، والثاني للجواب.
فإن قلتَ: قطع الخف إفسادٌ للمال؟ قلتُ: الحَسنُ ما قاله الشارع، وليس لأحدٍ معه بحث. ألا ترى أنه أشعر وأمر به، ولم يكن لأحدٍ أن يقول: إنه تعذيب الحيوان. هذا آخر كتاب العلم. رب زدني علمًا.