الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]. [الحديث 40 - أطرافه في: 399، 4486، 4492، 7252].
32 - بَابُ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ
41 -
قَالَ مَالِكٌ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ
ــ
المقدس؛ لأنَّه مولد عيسى ومقتله على زعمهم ({لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]) فسّر الإيمان بالصلاة بقرينة سبب النزول كما قدمنا.
فإن قلتَ: الكلام إنَّما وقع في صلاةِ مَنْ مات قبل تحوُّل القِبلة، فكيف أضاف إلى المخاطبين الأحياء؟ قلتُ: قدمنا أن قول البُخاريّ عند بيت المقدس معناه: لما كنتم بمكة عند البيت، وقِبلتكم بيتُ المقدس. ويندرج في ذلك الموتى والأحياء.
قال ابن بَطّال: الآية تقطع حُجج الجهمية والمرجئة في قولهم: إن الأعمال لا تسمى إيمانًا. قلتُ: هم يقولون: إن الإيمان هو: القول المجرد لا يضرّ معه المعصية لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلَّا الله حرَّمه الله على النَّار". ولا ينكرون إطلاق الإيمان على الصَّلاة وغيرها مجازًا. ويُقرون بأركان الإيمان من الزكاة والحج وغيرها على أنها مكملاتٌ وتوابع.
باب حُسْن إسلام المرء
حسن الشيء وصف قائم به بعد تمام الماهية. والمراد به هنا الشرط وهو الإخلاص في ذلك. وقيل: المراد: المراقبةُ وحسن العمل لقوله: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه" قلتُ: ذاك معنى آخر والذي عقد له الباب هو الأول. بدليل قوله: "إذا أسْلَمَ العبدُ فحسن إسلامُهُ يُكَفِّر الله عنه كلَّ سيئة"(3) فإن مجرَّد الإيمان الخالص كافٍ في ذلك، ألا ترى إلى قوله:"إن الإسلام يَجِبُّ ما قبله".
41 -
و (قال مالك): روى الحديثَ عن مالك تعليقًا، كأنه لم يكن على شرطه، وقد
الخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا".
ــ
أسنده البزار والدارقطني وزادا فيه: "إن الكافر إذا أسلم وحَسُن إسلامُهُ، تُكْتَبُ له في الإسلام كلُّ حسنةٍ عملها في الكفر".
قيل: إنَّما حذف البُخاريّ تلك الزيادة؛ لأنها لم تكن على قانون الشرع. قلتُ: هذا كلام باطل، لأنَّ قانون الشرع إنَّما يؤخذ من الشارع، إذ لا دَخْل عندنا للحسن العقلي. فأيّ قانونٍ أعظمُ من الحديث الصَّحيح؟ وهل يتصوَّر حذف شيءٍ صَحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا اشتباه في معناه؟ وتوافق هذه الزيادة حديثَ حكيم بن حزام حيث قال له:"أسلمت على ما أسلفت عليه من الخير" حين مسألة حكيم عن أشياء كان يتحنث بها في الجاهلية كما سيأتي في البُخاريّ.
وأمَّا قول الفقهاء: لا تصحَّ العبادة بدون الإيمان. ذاك معنى آخر، ولا تلازم بين الصحة وحصول الثواب، فإن من صَلَّى ظانًّا أنَّه على وضوء -ولم يكن كذلك- ومات يحصلُ له الثواب، ولا صحة هناك.
(زَلَفها) -بتخفيف اللام وتشديدها- أي: قدمها. وروى ابن الأثير: أزلفها. والكل من الزلفة وهي القُرْبة أي: قَدَّمها تقربًا إلى الله تعالى (إلى سبعمئة ضِعْفٍ) قال ابن الأثير: ضعفُ الشيء مِثْلَاه. يقال: إن أعطيتني درهمًا أعطيتُك ضِعْفَه أي: مِثْلَيْهِ. وقال الأزهري: ضعف الشيء ما زاد عليه في كلام العرب، أقلّه الواحد ولا حَصْرَ لأكثره، والظاهر أن مراد الحديث الكثرةُ لقوله تعالى:{وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261] بعد ذكره سبعمئة. وإليه أشار في بعض الروايات: "إلى سبعمئةٍ إلى ما شاء الله".
والتحقيقُ أن الأقل عشرة أمثال لا ينقص عنه. لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] وأمَّا نهايته فلا يعلمه إلَّا علَّامُ الغيوب. ألا ترى إلى ما رواه الشيخان: "من تصدَّق بعَدْلِ تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ، فإن الله يُرَبّيه، كما يُرَبي أحدكم فُلُوَّهُ حتَّى