الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - بَابٌ: لَا تُسْتَقْبَلُ القِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، إِلَّا عِنْدَ البِنَاءِ، جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ
144 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ
ــ
بعضهم به على أن المستحب أن يتوضأ من الأواني دون الأنهار والبُرك؛ لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ من شيء منها. قال القاضي: وهذا ليس له أصلٌ إن لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد شيئًا منها فعَدَلَ عنه إلى الأواني. قلتُ: قول ذلك القائل لم ينقل أنه توضأ من شيء منها ممنوع؛ فان أبا موسى الأشعري رَوَى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بئر أريسٍ فتوضأ منها.
فإن قلتَ: البئر لا يمكن التوضؤ منها نفسها؟ قلتُ: ذلك البئر يمكن فيه ذلك، وقد شاهدناه ينزل عليه بالدرج. وقال ابن بَطّال: ذهبت طائفة إلى أن الاستنجاء بالماء مخصوص بالنساء. والله أعلم.
باب: لا تُسْتَقبل القِبْلة بغائطٍ أو بول إلا عند البناء، جدار أو نحوه
تستقبل: علي بناء المجهول، ويُروى علي بناء الفاعل، ونصب القبلةَ.
144 -
(ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (عن عطاء بن يزيد) من الزيادة (عن أبي أيوب الأنصاري) خالدِ بن يزيد بن ثعلبة النَجّاري، من أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم. عليه نزل في بيته لما قدم المدينة، استشهد زَمَنَ معاوية بالقسطنطينية، وكانت الكفار يرون الأنوار على قبره، ولما فَتَحَ الله القسطنطينية على المسلمين على يد السلطان ابن السلطان محمد خان بن عثمان نصره الله وكنا في ذلك الجيش بحمد الله، وجدنا مزاره معروفًا عند الكفار، والآن قد بُني عليه مسجد فيه الذكر والعبادة والصُلَحاء يُدفنون هناك.
الغَائِطَ، فَلَا يَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ، شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا». [الحديث 144 - طرفه في: 394].
ــ
(إذا أتى أحدكم الغائط) لفظ الغائط: مجاز عن قضاء الحاجة، وهو في الأصل المكانُ المنخفض، وكانوا يقضون الوطر في مثله لعدم اعتبارهم بالمراحيض، فهو من إطلاق المحل وإرادة الحال كما هو دأبُ القرآن الكريم. والحديث من ذكر الألفاظ الشريفة للدلالة على المعاني الخسيسة.
(فلا يستقبل القِبلة ولا يُوَليها ظهره، شَرّقوا أو غَرّبوا) إنما نَهَى عن استقبال القبلة في مكان لا يكون فيه بناء أو نحوه كما ترجم له البخاري.
قال النووي: حديث عائشة وابن عمر دلّ على الجواز في البناء، وهذا الحديث دلّ على عدم الجواز مطلقًا، وكذا حديث سلمان كما سيأتي، فوجه الجمع بين الأحاديث أن يحمل التحريم على الفضاء والجواز على البنيان، والفرق: المشقة في البنيان دون الفضاء، وأنا أقول: لا مشقة في البنيان، بل العلَّة احترام القبلة، وفي البنيان وجه ساتر.
فإن قلت: في الصحراء أيضًا بوجه الجبال؟ قلت: لا اعتداد بتلك الجبال لبعدها، والذي يدل على ما ذكرنا ما رواه أبو داود عن مروان الأصغر قال: رأيت ابنَ عمر أناخ راحلَتَهُ مستقبل القبلة، ثم جَلَس يبول إليها، فقلتُ له في ذلك؟ فقال: إذا كان شيء يَسْتُركَ فلا بأس، وروى أبو داود والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وبيده ورقة فوضعها، ثم جَلَس فبال إليها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن قلت: يعارض ما ذكرتم حديث أبي أيوب الآتي بعدُ وهو قوله: وجدنا بالشام مراحيض بُنيت قِبل البيت، كنا ننحرفُ ونستغفر الله، فلم يعتد بالبناء ساترًا قلت: أبو أيوب لم ينقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبلغه حديث ابن عمر وعائشة، وما يقال: إن أبا أيوب حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز، لا معنى له؛ فإن الغائط حقيقة في عُرف الشرع عن كل مكان تقضى فيه الحاجة. قال تعالى:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] فالصوابُ أنه أجراه على عمومه لعدم إطلاعه على المخصص كما ذكرنا من حديث ابن عمر وعائشة في البنيان، والاستدبار عن الإمام أحمد روايتان. وقوله:"شرقوا أو غربوا" خطابٌ لأهل المدينة، فإن القِبلة هناك في الجنوب. وأما من كانت قبلته في الشرق أو الغرب فالأمر بالعكس عنده.
فإن قلتَ: ترجم البخاري على عدم جواز استقبال القبلة إلا عند البناء ونحوه، وليس في حديث الباب ذكرُ شيءٍ من ذلك؟ قلتُ: هذا على دأبه من الاستدلال بما في دلالته خفاء اعتمادًا على ما سيروي من حديث ابن عمر. وما يقال: إن لفظ الغائط يدل على الصحراء، لأنه المكان المنخفض، وإنما يكون في الصحراء لا في البنيان، فلا يعول عليه، لأن الغائط مجاز عن قضاء الحاجة، فلا يُعتبر فيه المعنى الحقيقي. وقال الخطابي: إنما حَرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء، لأن الفضاء موضع الجنّ والإنس والملائكة، فالقاعدُ مستهدفٌ للأبصار بخلاف البنيان، فإن الأبنية ساترة ولأن القبلة إنما تستقبل في الدعاء وأمور الخير، فكره أن تستقبل أو تستدبر في الحدث. قلت: هذا الثاني يدلّ على الحرمة في البنيان ولا محيص إلا بأن البنيان ساترة، فلذلك اغتفر فيه ذلك.
قال بعض الشارحين: فإن قلت: شرّقوا بعد قوله: "إذا أتى أحدكم الغائط
…
" ما هذا الأسلوب؟ قلتُ: أسلوب الالتفات من الغيبة إلى الخطاب. هذا كلامه. وقد سها فيه، وذلك أن المخاطب في "شرقوا" ليس ذلك الأحد المذكور أولًا، لأنه عام على سبيل البدل. والحق أن "شرقوا" جواب سؤال مقدر، كأنهم قالوا: فكيف نفعل؟ قال: شرقوا أو غربوا. وهذا خاصٌ بأهل المدينة ومن على ذلك السمت.