الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب تَقْضِى الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَاّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ الآيَةَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأْسًا. وَكَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ الْحُيَّضُ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ)» . الآيَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ حَاضَتْ عَائِشَةُ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَا تُصَلِّى. وَقَالَ الْحَكَمُ إِنِّى لأَذْبَحُ وَأَنَا جُنُبٌ. وَقَالَ اللَّهُ (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ).
ــ
باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت
المناسك: جمع مَنْسَكٍ -بالفتح والكسر- لغتان قرئ بهما في السبع، يستعمل مصدرًا وزمانًا ومكانًا من النسك وهو العبادة. وقال ثعلب: من النسيكة وهي سبيكة الفضة.
المصفاة. كأن العابد صفى نفسه دئه تعالى. هذا: وقد غَلَبَ استعمالُهُ في أفعال الحج.
(وقال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية) أي: الحائضُ. إبراهيم هذا هو النخعي (ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسًا) واستدل ابنُ عباس على ما ذَهَبَ إليه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، فإنه كان فيه القرآن، والكافر لا ترتفع جنابته.
والجواب عنه أن ذلك للضرورة، أو لم يقصد بالآية القرآنَ وإن وافقَهُ،، إذ ليس في ذلك الكتاب ما يدل على أنه قَصَدَ به نظم القرآن، واستدل الجمهور على منعه: بما رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب مرفوعًا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه شيء من القرآن إلا الجنابة. وروى الحاكم عن عائشة: "لا يقرأ القرآنَ جنب ولا حائض"(2). ومثله رواه الدارقطني والبيهقي. وإنما أورد الجنب في باب الحائض لاشتراكهما في أكثر الأحكام.
(أبو سفيان) هو أبو معاوية واسمه صخر بن حرب (وقال عطاء) هو ابن أبي رباح (وقال الحَكَم) بفتح الحاء والكاف.
305 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نَذْكُرُ إِلَاّ الْحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ «مَا يُبْكِيكِ» . قُلْتُ لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنِّى لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ. قَالَ «لَعَلَّكِ نُفِسْتِ» . قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَإِنَّ ذَلِكَ شَىْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِى مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِى بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِى» .
ــ
305 -
(أبو نُعيم) بضم النون على وزن المصغر (عن [عبد العزيز بن] أبي سَلَمة) بفتح السين واللام.
(عن عائشة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج) لأنهم كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور. وقيل: أو أرادت الحج والعمرة، إذ العرفُ جارٍ على إطلاقه وإرادتهما. وليس بشيء لأن قولها: لا نذكر إلا الحج. بطريق القصر احترازٌ من العمرة لا غير، كما دل عليه الأحاديث الكثيرة، فكيف يمكن إرادته؟ (فلما جئنا سرف طمثت) -بسين مهملة- مكان بينه وبين مكة عشرة أميال تقريبًا. يصرف ولا يصرف باعتبار المكان والبقعة. والطمث: الحيض. قال ابن الأثير: يقال طمثَت المرأة -بفتح الميم- في الماضي: إذا حاضت، وطُمِثت- بكسر الميم-إذا دَميَت من الإفضاض. والطمث: الدم والنكاح.
قلت: إذا كان بمعنى النكاح يجوز في الماضي كسر الميم والفتح، وفي المضارع الكسرُ والضم، قُرئ بهما في السبع.
(لعلكِ نفست؟) لعل: يكون لتوقع أمرٍ مرجوّ أو مخوفٍ، وكلاهما هنا حسن، وقد تقدم جواز فتح النون وضمّها في أنَفِست مع كسر الفاء في الحيض والنفاس وأن الفتح في الحيض شهر والضم في النفاس (فافعلي ما يفعَلُ الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) عذا موضع الدلالة على الترجمة.
وفي الحديث دليلٌ على جواز البكاء على فوات أمرِ دينٍ، واستحياب تسلية المصاب، وتفريج الهم عنه، وباقي الأحكام تقدمت.