الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - بَابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: أَخْبَرَنَا، وَحَدَّثَنَا
وَقَالَ لَنَا الحُمَيْدِيُّ: " كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا، وَأَنْبَأَنَا، وَسَمِعْتُ وَاحِدًا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ وَقَالَ شَقِيقٌ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَلِمَةً وَقَالَ حُذَيْفَةُ:
ــ
المسحُ على الخف، وهؤلاء إنَّما مسحوا على الرجل لشدة الاستعجال كيف اتفق، ولذلك خَصَّصَ الأعقابَ بالذكر. وفي الحديث دلالةٌ على جواز رفع الصوت بالعلم. قال ابنُ عُيينة: مررتُ بأبي حنيفة وأصحابه وقد ارتفعتْ أصواتهُم بالعلم، فقلتُ له في ذلك، فقال: دَعْهم، لا يتعلمون إلَّا كذلك لا سيّما في موضع الحاجة كالوعظ والخُطْبة.
باب: قول المحدِّث أخبرنا وحدثنا
(قال الحُميدي) -بضم الحاء على وزن المصغر المنسوب- هو عبدُ الله بن الزُّبير، شيخُ البُخاريّ. نقل عنه يقال لأنَّه سمعه مذاكرةً (كان عند ابن عُيينة) بضم العين على وزن المصغر (حدّثنا، وأخبرنا، وأنبأنا وسمعتُ واحدًا) قال ابنُ الصلاح والعراقي: هذا مذهبُ البُخاريّ وآخرين من المشايخ، وعليه معظمُ أهل الحجاز والكوفيين والزهري. وقال الشَّافعي ومسلم: لا يقول حدّثنا إلَّا إذا سَمِعَهُ من شيخه.
قال ابنُ الصلاح: وخير ما يقال في هذا المقام: إنَ هذا اصطلاحٌ؛ إذ بيانُهُ لغةً عَنَاءٌ. ومن خَصَّ التحديث بالسماع فَلِقُوّةِ إشعاره بالمنطق والمشافهة. ثم اختلفوا في أقوى وجوه التحمّل، هي القراءة على الشَّيخ أو السماع منه، فذهَبَ أبو حنيفة وبعضُ السلف إلى ترجيح القراءة على السماع منه، ورُوي هذا عن مالك.
قال الشَّيخ ابنُ الصلاح: والصحيحُ أن السماع على الدرجات وكذا قال العراقي، وقد بان لَكَ أن المرادَ من المحدّث في قول البُخاريّ باب قول المحدث؛ هو رواي الحديث، لا المحدث لغةً. وكيف يصحُّ لغةً حدّثنا فيما إذا كان الراوي هو القارئ على الشَّيخ، أو ضرورة للبخاري في بيان المحدث لغة، وفد نقلت أيضًا عن ابن الصلاح أنَّ هذا أمرٌ اصطلاحي.
(وقال ابن مسعود: حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق) أي: الذي يَصْدُق في
الحديث مع الخَلْق، وما يقال له كله صدق من عند الله، سواء كان بواسطةٍ أو بدونها، منامًا كان أو يقظة، وقيل: المصدق من عند الله وهو معنًى ظاهر، إلَّا أن اللغة لا تُساعده. (وقال شَقيق) -بفتح المعجمة- يكنى أبا وائل (عن عبد الله) هو ابنُ المسعود حيثُ أُطلق من غير نسبة (قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كلمةً) أي: كلامًا أو قضية (وقال حُذيفة) -بضم الحاء على وزن المصغر
حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ وَقَالَ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ عز وجل.
61 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ» فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» . [الحديث 61 - أطرافه في: 62 - 72 - 131 - 2209 - 4698 - 5444 - 6132 - 6144]
ــ
- هو ابن اليمان واسم اليمان حسيل حليف الأنصار، الصحابي المكرَّم المبجل ابن الصحابي كذلك، صاحبُ سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلمه غيره، المطلع على أعيان المنافقين. كان عُمر في خلافته لا يَحْضُرُ جنازةً إلَّا إذا حضرها حذيفة) حدّثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حديثين وقال أبو العالية) هو رفيع بن مهران. قالت حفصة بنت سيرين: سمعته يقول: قرأت القرآنَ على عمر بن الخطاب ثلاث مرات (عن ابن عباس عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربّه) موضع الاستشهاد هو قولُهُ: فيما يرويه عن ربه. وكذا قول أنسٍ بعده (يرويه عن ربه) وقول أبي هريرة: (يرويه عن ربكم). وهذه التعليقاتُ كلها أحاديثُ مسندة بعضُها عند البُخاريّ وبعضُها عند غيره، أوردها معلَّقةً إثباتًا لما هو بصدده تارةً بالتعليق وتارةً بالمسند.
61 -
(قُتَيبة) ابن سعيد بضم القاف على وزن المصغر (إن من الشجر شجرةً لا يسقُطُ ورقها وإنها مَثَلُ المسلم، فحدثوني ما هي؟) أي: من جنس الشجر شجرة؛ أي: نوعٌ منه، هذا شأنه، ولغرابة الشأن أتى بلفظ المَثَل الذي يدل عليه لأنَّه لا يؤتى به إلَّا في الأمور الغريبة. وقيل: وجهُ الشبه كثرةُ المنافع إذ ليس شيء في النخلة من الأجزاء إلَّا ومنه نفع، وكذا ثمره من حين البُدُو إلى أن يصير تمرًا يابسًا يُؤكَلُ منه. وقيل: لأنَّه لا يثمر إلَّا إذا أُلْقِحَ من الذكر في الأنثى. وعلى هذا قيد المسلم ضائع لأنَّ نوع الإنسان كذلك. وقيل: لأنَّه إذا قطع رأسُه لا يعود بدله عضو؛ وفيه ما ذكر آنفًا من استدراك لفظ المسلم، وقد ذكروا أمورًا
62 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ،
ــ
أُخَر بعيدةً، ونَقَل السُّهيلي عن سنن الحارث بن أسامة مرفوعًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيَّن وَجْهَ الشَّبه، وقال:"كما أن النخلةَ لا يَسْقُطُ ورقُها، كذلك المؤمن لا تسقط دعوتُهُ". وهذا محمولٌ على أن الله تعالى إما أن يعطيه ما مسألة، وإما أن يدخر له في الآخرة، أو في العاقبة ما هو أنفع له، وإلا فكم من شيء يسأله الإنسانُ ولا يحصُلُ له.
فإن قلتَ: غرضُ البُخاريّ إثباتُ عدم الفرق بين هذه الألفاظ قراءةً وسماعًا. وما ذكره ليس فيه دلالة على قراءة المحدث، بل كلّها سماعات. قلتُ: قال بعضُهم: حيث نَقَل مذهب الاتحاد من غير رَدٍّ، وغير ذكر المخالف أشعَرَ بأن مَيْلَهُ إلى عدم الفرق. قلتُ: هذا كلامُهُ لا طائل تحته؛ فإن المحققين من أهل هذا الشأن نقلوا أن مذهبَهُ عدمُ الفرق، فالوجه: أن يكون في أحاديث الباب دلالةٌ على ذلك. فالحقُ أن قول ابن مسعود تارةً سمعتُ، وتارةً حدّثنا، دلَّ على عدم الفرق بينهما. وقول أنس: يرويه، وكذا قول ابن عباس، وقول أبي هريرة: يرويه عن ربكم. يحتمل السماع من الله، والقراءة عليه. أما السماع فظاهرٌ. وأمَّا القراءةُ فكما في قوله: رأيتُ رَبِّي في أحسن صورة، فقال لي: يا محمدُ فيمَ يختصمُ الملأ الأعلى؟ قلتُ: في الكفارات والحدود". فهذه قراءةٌ منه، ولمّا عبّر بلفظ الرّواية عما يحتمل الأمرين صحّ أنَّه لا فرقَ عنده، وإلا لَعُيِّن المراد. وأما حدّثنا ابن عمر ففيه دلالةٌ على أن لفظ التحديث يقال في القراءة والسماع، لأنَّ قوله "حدثوني" معناه القراءة، وقولهم: حدّثنا. فيه معنى السماع. هذا تحقيق المقام.
باب: طرح المسألة على أصحابه ليختبرَ ما عندهم من العلم
الاختبار: افتعال من الخبرة، وهي المعرفة ببواطن الأمور والاطّلاع عليها.
62 -
(خالد بن مَخْلَد) بفتح الميم (إن من الشجر شجرةً لا يسقُطُ ورقُها، وإنَّها مَثَلُ المسلم) في قوله: "لا يسقُطُ ورقُها" إشارة إلى وجه الشبه على ما قدمنا في الباب الذي قبله من رواية السهيلي في مسند الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كما أنها لا يسقط ورقُها كذلك