الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - باب الْتِمَاسِ الْوَضُوءِ إِذَا حَانَتِ الصَّلَاةُ
وَقَالَتْ عَائِشَةُ حَضَرَتِ الصُّبْحُ فَالْتُمِسَ الْمَاءُ، فَلَمْ يُوجَدْ، فَنَزَلَ التَّيَمُّمُ.
169 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
الأمور كلها. وظاهرٌ أن الأمور ليست منحصرةً في أفعال الوضوء. وقوله: كأنه بدل الكل بحرف التشبيه لا يغني شيئًا وإن سبقه فيه غيره. ثم قال: أو هو متعلق بيعجب لا بالتيمن.
والمعنى: كان يعجبه في كل شأنه التيمن في هذه الثلاثة، أي: في حضره وسفره وفراغه وأشغاله وغير ذلك. قلتُ: فيلزمه أن يكون في حال بزقه وقضاء حاجته ووقاعه، يعجبه التيامن فالوجه ما شيّدنا أركانه. وقولها: في شأنه كله، عام خص منه البعض لما روى أبو داود عن عائشة: كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم لطهوره وطعامه ويساره لخلائه وما كان من أذى.
باب: التماس الوَضُوء إذا حانت الصلاةُ
الوَضُوء -بفتح الواو- على الأشهر؛ لأن المراد الماءُ الذي يتوضأ به (وقالت عائشة: حَضَرتِ الصبحُ فالتُمِسَ الماءُ فلم يُوجَدْ، فنزل التيمُّم) أي: آية التيمم أو حكم التيمم، هذه قطعة من حديث سيذكره مسندًا في كتاب التيمم وبعده، وكان ذلك لإقامته على العقد الذي فقدته عائشة.
169 -
(عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) زيد بن سهيل الأنصاري (عن أنس بن مالك: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر) جملة حالية أي: والحال أن حين العصر ووقته الذي شرع لأدائه كائن (فالتمس الوَضوء) -بفتح الواو- وكذا قوله: (فأُتِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم -
بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ. قَالَ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ. أطرافه 195، 200، 3572، 3573، 3574، 3575
ــ
بوَضُوء فوضَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده) أشار بذلك إلى الإناء الذي دلَّ عليه لفظ الوضوء (فرأيتُ الماءَ ينبُعُ من تحت أصابعه) ظاهره أن الماء نبع من بين اللحم والدم. وعليه إطباق أكثر أهل العلم، ولهذا عدّوا هذه المعجزة أعظم من معجزة موسى؛ لأن خروج الماء من الحجر معهود في الجملة، وإن كان خروج الماء بضرب العصا اثنتا عشرة عينًا خارقًا للعادة، إلا أن بينهما بونًا بعيدًا، فإن خروج الماء من بين اللحم والدم أبعد ما يتصوّر من الخوارق.
فإن قلت: لفظ: من تحت، يشعر بأن ذلك من تكثير القليل، لا أن الماء خرج من بين اللحم والدم كما ذكرت. قلت: لفظ: ينبع، صريحٌ فيما ذكرنا على أنه قد جاء في سائر الروايات: من بين أصابعه.
فإن قلت: إذا كان الماء ينبع حقيقة فأي حاجة إلى وضع اليد في الإناء الذي فيه الماء؟ قلتُ: لأن الإيجاد من العدم، من خواص الألوهية تعالى وتقدس.
قال القاضي: واعلم أن نبع الماء من أصابعه صار ملحقًا بالأمور القطعية، فإنه وقع مرارًا وتكاثرت النقلة، ولم ينكره أحدٌ في عصر من الأعصار.
(حتى توضؤوا من عند آخرهم) مِنْ: ابتدائية. أي: توضؤًا كائنًا من آخر القوم، ولفظ: عند، في أمثاله مُقحم لزيادة التأكيد، وإذا حَصَل التوضؤ من آخر القوم، فقد استوعب الكل. قال النووي: من في قوله: من عند بمعنى إلى. وردَّه بعضهم بأنه لا يجوزُ أن تكون مِنْ بمعنى إلى، وذلك لأنه يلزم خروج آخر القوم من هذا الحكم وعلله بأن ما بعد: إلى، يخالف حكمه حكم ما قبله، وهذا الردّ مردودٌ لأن خروج ما بعد: إلى، عن حكم ما قبلها مفوضٌ إلى القرائن كما حقق في علم الأصول. ألا ترى أنك إذا قُلتَ: قرأتُ سورة الفاتحة إلى آخرها. لا يُشك في أن آخرها داخل في حكم القراءة، وإذا قلت: صُمتُ يوم كذا إلى آخر النهار، فلا تريدُ إلا أنك صُمتَهُ إلى الليل.
فإن قلت: هل أنس داخل في هذا التوضؤ أم لا؟ قلتُ: بعض الشارحين ذكر أن هذا مبني على أن الخطاب -بكسر الخاء- هل يدخل في عموم الحكم المخاطَب به أم لا؟ قلتُ: هذه القضية ليست من ذلك الأسلوب، فإن أنسًا لم يذكر إلا أنهم توضؤوا، فلا يكون هو معهم في ذلك الحكم.