الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِجْلَيْهِ. قَالَتْ فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ، فَلَمْ يُرِدْهَا، فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ.
17 - باب إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ
275 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ
ــ
أما الأول فلأنه مخالفٌ لغرض البخاري، لأنه صَرَّح بأنه لم يُعِن غسل مواضع الوضوء فكيف يكون لفظ سائر الجسد بمعنى الجميع، وكيف يكون غسل الجسد في هذا الحديث محمولًا على كل الجسد بعد أن قيد بأنه لم يُعِن غسل مواضع الوضوء.
وأما الثاني فظاهر وذلك أن ذكر الغسل مع عدم ذكر إعادة غسل الأعضاء لا يدل على العلم في نفس الأمر.
وأجاب بعضُهم بأنه أحال على الحديث الذي في الباب قبله، فإنه مقيد بذكر سائر الجسد، وردَّه شيخ الإسلام بأن ذلك الحديث لعائشة، وهذا حديث ميمونة، فلا يصح الحملُ. ثم أجاب بأن قوله في آخر الحديث: فغَسَل رجليه، دلَّ على أنه لم يغسل كل جسده.
وفيما قاله نظرٌ، فإن غسل رجليه إنما كان لإزالة المستعمل، أو للنظافة، والدليلُ على ذلك ما تقدم من قولها: فغَسَل قدميه.
والصواب في الجواب أنه أشار في الترجمة إلى ما رواه مسلم من حديث ميمونة مقيدًا سائر الجسد. ولما لم يكن على شرطه أشار إليه في الترجمة كما هو دأبه في أمثاله. وقد ذكرنا مرارًا أن دأب البخاري الاستدلالُ بما في دلالته خفاء ليتأمل فيه ويفحص عن طرق الحديث.
(فأتيته بخرقة فلم يردها، فجعل ينفض الماء بيده) ورواه ابنُ السكن: لم يردها من الردّ. وهو غلط. أَلَا ترى إلى قولها: فجعل ينفض الماء بيده.
باب: إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم
قوله، ذكر، بمعنى تذكر. والكاف في قوله: كما هو، تسمى كاف المقارنة. وفي الحقيقة كاف التشبيه، والمعنى يكون حال خروجه مشتبهًا بحال وقوفه. وبيَّن ذلك بقوله: لا يتيمم. ورَدَّ بذلك على مَنْ زَعَم أن الرجل إذا أجنَبَ في المسجد، أو تذكر أنه جنبٌ يتيمم، وهو قول الثوري وإسحاق.
275 -
(أقيمت الصلاة) أي: نُودي بالإقامة لها (وعدلَت الصفوف) أي: سُوّيت
قِيَامًا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَاّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لَنَا:«مَكَانَكُمْ» . ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ. تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 639، 640
ــ
(قيامًا) حال من الصفوف، جمع قائم، أو مصدر في موقع الحال، أو تمييز (ثم خرَج إلينا ورأسه يقطر فكبّر) الظاهرُ أنه لم يعد الإقامة.
فإن قلت: في رواية ابن ماجه: قام إلى الصلاة وكئر ثم انصرف فاغتسَلَ فجاء فصلى بهم، فلما انصرف قال: إني خرجتُ إليكم جُنُبًا، وفي رواية الدارقطني: فكبر وكبرنا، وفي رواية أحمد: كان قائمًا يصلي بهم قلتُ؟ قال النووي: هذا محمول على تعدّد القضية.
(تابعه عبد الأعلى) السامي -بسين مهملة- نسبةً إلى جده الأعلى سامة بن لؤي، والضمير في تابعه لعثمان (عن مَعمَر) بفتح الميم وسكون العين (ورواه الأوزاعي) -بفتح الهمزة- الإمام عبد الرحمن، إمام أهل الشام في زمانه. قوله أولًا تابعه، وثانيًا رواه، تفننٌ. ومن قال: المتابعة تكون إذا وافق الراوي في اللفظ، ورواه إذا وافق في المعنى، فقد قال ما لا علم له به.
واعلم أن العلماء اختلفوا في جواز عبور الجنب في المسجد، جوَّزه الشافعي لقوله تعالى:{وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] وقال المراد من قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 43] أي: مكانها، بدليل قوله:{إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43]. وقال مالك وأبو حنيفة: المراد بعابري سبيلٍ: المسافرون، فلا يدخل المسجدَ إلا المسافرُ الجنب لطلب الماء، لأنه معذور، ومعنى قوله تعالى:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 43] أي: الصلاة ولَا مكانها، واعترض بأنه يلزمهم الجمع بين الحقيقة والمجاز. ولم يقولا به. وهذا ساقط لإمكان الحمل على عموم المجاز. وذهب الإمام أحمدُ إلى جواز جلوس الجنب في المسجد.